فصل : فأما
المزني فإنه اعترض على
الشافعي اعتراضا تعليله فيه صحيح ووهمه في تأويله فسخ ، وهو أنه نقل عن
الشافعي في هذه المسألة إذا
خالعها على عبد يساوي مائة درهم لا مال لها غيره ، ومهر مثلها خمسون أن له نصف العبد ونصف مهر مثلها : هو ربع العبد فيكون له ثلاثة أرباع العبد فقال ينبغي أن يكون له ثلث مهر مثلها وهو سدس العبد فيصير للزوج ثلثا العبد : وهذا صحيح في التعليل ولما ذكره
الشافعي تأويل اختلف أصحابنا فيه على ثلاثة أوجه :
أحدها : أن
الشافعي قال : له نصف العبد ونصفه مهر مثلها تعليلا للنصف الذي استحقه الزوج : لأنه مهر مثلها ، ولم يتعرض
الشافعي لما يستحقه من نصفه الباقي بالوصية : لأنه ثلث لا إشكال فيه ، فحذف الكاتب الهاء من ( نصفه ) ونقل ( له نصف العبد ونصف مهر مثلها ) ولحذف الهاء ما توجه اعتراض
المزني .
والتأويل الثاني : أن مسألة
الشافعي مصورة على أنها خلفت مع العبد خمسة وعشرين درهما فصارت تركتها مع نصف العبد خمسة وسبعين للزوج ثلثها وهو خمسة وعشرون درهما ، يدخل بها نصف النصف الباقي من العبد ، وهو نصف مهر مثلها وقد
[ ص: 106 ] نقلها
الربيع في كتاب الأم ، إذا خالعها على دار قيمتها مائة درهم ، وتركت معها خمسة وعشرين درهما ، وكان مهر مثلها خمسين درهما ، فله نصف الدار ، ونصف مهر مثلها فجعل له ثلاثة أرباع الدار ، فنقل
المزني خلع الدار إلى العبد ، وغفل عن نقل ما خلفته معه وهو خمسة وعشرون درهما ، ونقل الجواب على حاله فتوجه له الاعتراض الذي ذكره لسعته في النقل ووهمه في التأويل .
والتأويل الثالث : أن مسألة
الشافعي مصورة في رجل تزوج امرأته على مهر فاسد ، فوجب لها مهر المثل ، ثم خالعها قبل الدخول بها في مرضها على عبد قيمته مائة درهم لا مال لها غيره ، ومهر مثلها خمسون درهما ، فله نصف العبد بالخلع عوضا ، ونصف مهر مثلها بالطلاق قبل الدخول ، فذكر ما ملكه بالخلع وما ملكه بالطلاق ولم يعرض لما ملكه بالوصية ؛ لأنه معتبر من الثلث ، وقد أفصح
الشافعي بهذا في بعض كتبه والله أعلم .