فصل : وأما
زوجة المدين في طلاقه ، إذا ألزم الطلاق في الظاهر دون الباطن ، فلا يخلو حالها من ثلاثة أقسام : إما أن تعلم صدقه فيما دين فيه فيسعها فيما بينها وبين الله تعالى أن تقيم معه وتمكنه من نفسها ، ولا يكره لها ، ويجب على الزوج نفقتها ، ويحرم عليها النشوز عنه ، فإن نشزت لم يجبرها الحاكم ، وإن أثمت لوقوع طلاقه في
[ ص: 155 ] الظاهر ، واختلف أصحابنا في الحاكم إذا رآهما على الاجتماع ، هل يلزمه التفرقة بينهما أم لا ؟ على وجهين :
أحدهما : يلزمه بحكم الظاهر الفرقة .
والوجه الثاني : لا يلزمه لأن ما هما عليه من الاجتماع ، يجوز إباحته في الشرع ، فلو فرق الحاكم بينهما ففي تحريمها عليه في الباطن وجهان من اختلاف الوجهين في وجوب حكمه بالفرقة .
والقسم الثاني : أن تعلم الزوجة كذبه فيما دين فيه ، فعليها الهرب منه ، ولا يسعها في حكم الظاهر والباطن أن تمكنه من نفسها ، وإن جوزنا للزوج أن يستمتع بها ، وإن سألت الحاكم أن يحكم بينهما بالفرقة لزمه الحكم بها ، ويجوز لها بعد انقضاء العدة أن تتزوج بغيره ويجوز لمن خطبته أن يتزوجها إن لم يصدق الزوج فيما دين فيه ، فإن علم صدقه لم يجز أن يتزوجها إن لم يحكم الحاكم بينهما بالفرقة .
وفي جواز تزويجه بها بعد الحكم بالفرقة وجهان .
والقسم الثالث : ألا تعلم الزوجة صدقه فيما دين فيه ولا كذبه فيكره لها تمكينه من نفسها لجواز كذبه ، وفي تحريمه فيما بينها وبين الله تعالى وجهان :
أحدهما : لا تحرم عليها في الباطن تغليبا لبقاء النكاح ، فعلى هذا تكون في حكم القسم الأول .
والقسم الثاني : يحرم عليها في الباطن تغليبا لوقوع الطلاق في الظاهر ، فعلى هذا يكون في حكم القسم الثاني . فلو ادعى عليه تصديقه فيما دين فيه وأنكرته ، ففي وجوب إحلافها عليه وجهان بناء على ما مضى والله أعلم .