فصل : وأما الفصل الثالث : وهو
إذا نوى بالكنايات اثنتين وقع اثنتان عندنا .
وقال
أبو حنيفة : لا تقع إلا واحدة ، استدلالا بأن قوله : أنت بائن يتضمن
البينونة وهي نوعان : صغرى وهي التي تثبت الرجعة وتحل قبل زوج ، وكبرى وهي التي تقطع عصمة الرجعة ولا تحل إلا بعد زوج ، فإذا أراد الكبرى وكانت الثلاث تبعا وإن لم يرد الكبرى وقعت الصغرى ، لأنها لا تنفك عنها وهي واحدة ، فأما الثنتان فخارج منهما ، ولأن لفظ البينونة لا يتضمن عددا ، لأن البائن مثل الحائض والطاهر ، ولا يحسن أن تقول : أنت بائنتان كما لا يحسن أن تقول : أنت حائضتان وطاهرتان ، فإذا لم يتضمن العدد لم يجز أن يعلق عليه العدد .
ودليلنا هو : أن كل عدد ملك إيقاعه بالصريح ، ملك إيقاعه بالكناية كالثلاث ، ولأن وقوع الثلاث أغلظ من وقوع الثنتين ، لأن الثالثة لا تقع إلا بعد الثانية ، فإذا وقعت الثنتان مع الثالثة فأولى أن تقع الثنتان دون الثالثة ، فأما استدلاله بأن البينونة
[ ص: 162 ] بالصريح لا تكون بواحدة فهو أنه ليس وقوعها بالواحدة ، وأن يصح ضم ثانية إليها ، كالمختلعة ، وإن كانت تبين بالواحدة يجوز أن يخالعها على اثنتين .
وأما استدلاله بأن لفظ البائن لا يتضمن عددا ، لأنه لا يحسن أن يقال أنت بائنتان ففاسد بالثلاث ، لأنه لما لم يتضمن العدد لم تقع الثلاث ، وإذا جاز أن تقع ثلاثا ، جاز أن تقع ثنتين ولا يمتنع أن يقال : أنت بائن ثنتين ، كما لا يمتنع أن يقال : أنت بائن ثلاث .