الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
فصل : وإذا ملكها طلاق نفسها ، ثم رجع في التمليك ، قبل أن تطلق نفسها صح رجوعه وبطل تمليكه ، فإن طلقت نفسها لم تطلق ، وقال أبو حنيفة ومالك وأبو علي بن خيران من أصحابنا : ليس له الرجوع ، وإذا طلقت نفسها بعد رجوعه طلقت ، استدلالا بأنه طلاق معلق بصفة ، فلم يملك الزوج الرجوع فيه ، كقوله : إن دخلت الدار فأنت طالق ، فإنه لا يملك إبطال هذه الصفة وتطلق متى دخلت الدار .

ودليلنا هو أنه تمليك للطلاق لوقوفه على قبولها ، وللمالك بعد بذله أن يرجع فيه قبل قبوله منه ، كما يرجع في بذل الهبة والبيع ، قبل قبولهما منه ، وخالف تعليق طلاقها بدخول الدار ، لأنه لا يقف على قبولها ، وليس لها إبطال ذلك على نفسها ، فلم يكن له إبطال ذلك عليها ، وليس كالتمليك الذي لها أن تبطله على نفسها ، فكان له إبطاله عليها ، وإذا صح رجوعه كما ذكرنا ، فمتى طلقت نفسها بعد علمها برجوعه ، كان في وقوع طلاقها وجهان ، من الوكيل في القصاص إذا لم يعلم بالرجوع حتى اقتص والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية