فصل : فإذا تكررت هذه الجملة
فللمرأة حالان ، حال عورة ، وحال إباحة ، فأما حال الإباحة فمع زوجها فليس بينهما عورة وله النظر إلى سائر بدنها
واختلف أصحابنا
هل له النظر إلى فرجها ؟ على وجهين :
أحدهما : وهو قول
أبي عبد الله الزبيري : لا يجوز له النظر إلى فرجها ، ولا لها النظر إلى فرجه : لما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
لعن الله الناظر والمنظور إليه
والوجه الثاني : يجوز له النظر إلى فرجها ، ويجوز لها النظر إلى فرجه لقوله تعالى :
هن لباس لكم وأنتم لباس لهن [ البقرة : 187 ] ، ولأنه قد استباح جملتها بعقد النكاح وفرجها هو المقصود بالاستمتاع فلم يجز أن يكون الاستمتاع به أقل من الاستمتاع بغيره ، ولو تنزه عن ذلك كان أولى
وأما
العورة فضربان صغرى وكبرى ، فأما الكبرى فجميع البدن إلا الوجه والكفان ، وأما الصغرى فما بين السرة والركبة وما يلزمها ستر هاتين العورتين من أجله على ثلاثة أضرب :
أحدها : أن يلزمها ستر العورة الكبرى ، وذلك في ثلاثة أحوال :
أحدها : في
الصلاة وقد مضى حكمها
والثاني : مع
الرجال الأجانب ، ولا فرق بين مسلمهم ، وكافرهم ، وحرهم ، وعبدهم ، وعفيفهم ، وفاسقهم ، وعاقلهم ، ومجنونهم في إيجاب ستر العورة الكبرى من جميعهم
والثالث : مع الخناثى المشكلين ، لأن جملة المرأة عورة فلا يستباح النظر إلى بعضها بالشك
والقسم الثاني : ما يلزمها
ستر العورة الصغرى وذلك مع ثلاثة أصناف أحدها مع النساء كلهن ، ولا فرق بين البعيدة والقريبة ، والحرة والأمة ، والمسلمة والذمية
[ ص: 171 ] والثاني : مع
الرجال من ذوي محارمها كابنها ، وأبيها ، وأخيها ، وعمها من نسب أو رضاع
والثالث : مع
الصبيان الذين لم يبلغوا الحلم ، ولا تحركت عليهم الشهوة
والقسم الثالث : مختلف فيه وهم ثلاثة أصناف :
أحدها :
عبيدها المملوكون فاختلف أصحابنا في عورتها معهم على ثلاثة مذاهب :
أحدها : العورة الكبرى كالأجانب وبه قال
أبو إسحاق المروزي ، وأبو سعيد الإصطخري لقوله تعالى :
ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم [ النور : 58 ]
والثاني : العورة الصغرى كذي الرحم وبه قال
أبو علي بن أبي هريرة ، وقد حكي نحوه عن
أبي العباس لقوله تعالى :
ما ملكت أيمانهن [ النور : 31 ]
والثالث : وهو تقريب أنها تبرز إليهم وهي فضل بارزة الذراعين والساقين ، لكن لم يختلف أصحابنا أنه لا يلزمهم الاستئذان إلا في وقت مخصوص بخلاف الحر ، فأما عبدها الذي نصفه حر ونصفه مملوك فعليها ستر عورتها الكبرى منه لا يختلف أصحابنا فيه
والصنف الثاني : الشيوخ المسنون الذين قد عدموا الشهوة وفارقوا اللذة ففي عورتها معهم وجهان :
أحدهما : الكبرى كالرجال الأجانب
والثاني : الصغرى كالصبيان
والصنف الثالث :
المجبوبون دون المخصيين ففي عورتها معهم وجهان :
أحدهما : الكبرى كغيرهم من الرجال
والثاني : الصغرى كالصبيان لقوله تعالى :
غير أولي الإربة من الرجال فأما العنين والمأيوس من جماعة كالخصي والمؤنث المتشبه بالنساء فكل هؤلاء كغيرهم من الرجال في حكم العورة منهم ولهم