[ ص: 192 ] باب الطلاق بالوقت وطلاق المكره وغيره من كتاب إباحة الطلاق والإملاء وغيرهما
قال
الشافعي رحمه الله تعالى : " وأي أجل طلق لم يلزمه قبل وقته " .
قال
الماوردي : وهذا كما قال .
الطلاق يقع ناجزا وعلى صفة ، وإلى أجل ، فوقوعه ناجزا أن يقول : أنت طالق فتقع بمجرد اللفظ ، ووقوعه على صفة أن
يقول : إن دخلت الدار فأنت طالق ، أو إن قدم زيد فأنت طالق ، فلا يقع الطلاق قبل وجود الصفة ، سواء بصفة مضافة إليها بدخول الدار ، أو مضافة إلى غيرها كقدوم زيد ، وهذا متفق عليه .
وأما تعليقه بأجل فكقوله : أنت طالق إلى بعد شهر ، أو إلى سنة ، أو رأس الشهر فلا يقع الطلاق عليها قبل حلول الأجل ، سواء كان الأجل معلوما أو مجهولا وبه قال
أبو حنيفة وأكثر الفقهاء ، وقال
مالك : يقع الطلاق معجلا ، استدلالا بأمرين :
أحدهما : أنه يصير نكاحا إلى مدة وهذا باطل كالمتعة .
والثاني : أن عقد التحريم إلى أجل ، يوجب تعجيله كالمكاتبة لما أوجبت الكتابة تحريمها بالعتق بعد الأداء ، تعجل تحريمها بنفس الكتابة قبل الأداء .
ودليلنا هو أنه
تعليق طلاق بشرط ، فوجب ألا يقع قبل وجود الشرط ، قياسا على تعليقه بموت زيد ، فإن قيل فموت زيد مجهول الأجل ، قيل إذا ثبت فيه الأجل المجهول كان ثبوت الأجل المعلوم أحق ، ولأنه إزالة ملك لو علق بأجل معلوم أو مجهول ، لم يزل قبله وجب ، وإذا علق بأجل معلوم ألا يزول قبله كالعتق ، ولأنه أجل لو علق به العتق لم يقع قبله ، فوجب إذا علق به الطلاق ألا يقع قبله كالمجهول ، أما قياسه على المتعة لأنه نكاح إلى مدة فغلط ، لأن النكاح عقد يمتنع فيه دخول الأجل ، ففسد بالمعلوم والمجهول والطلاق حد لا يفسد بالأجل المجهول ، فكان أولى ألا يفسد بالأجل المعلوم ، على أن
دخول الأجل في النكاح مبطل له ، فلو كان الطلاق مثله ، لكان دخول الأجل فيه مبطلا له دون النكاح ،
ومالك يجعله مبطلا للنكاح دون الطلاق .
وأما الكتابة فلا يصح الاعتبار لها ، لأن المكاتبة قد ملكت نفسها وملك المال عليها فلم يجز أن يجمع بين ملك المال عليها وملك الاستمتاع بها كالخلع ، وخالف
[ ص: 193 ] الطلاق المؤجل لأنه لا يملك عليها ما يمنع من بقاء ملكه على الاستمتاع بها فافترقا .