مسألة : قال
الشافعي : " ولو
قال لها أنت طالق إذا طلقتك فإذا طلقها وقعت عليها واحدة بابتدائه الطلاق والأخرى بالحنث " .
قال
الماوردي : وهذا صحيح إذا قال لها : إذا طلقتك فأنت طالق ، أو إن طلقتك فأنت طالق ، أو متى طلقتك فأنت طالق ، ثم قال لها : بعد ذلك أنت طالق ، أو قال : أنت بائن ، يريد به الطلاق أو قال : قد ملكتك نفسك ، يريد به الطلاق ، فطلقت نفسها ، فإنها تطلق في هذه الأحوال كلها طلقتين ، واحدة بالمباشرة صريحا كان ما باشرها به ، أو كناية ، والطلقة الثانية بالصفة : لأنه جعل طلاقه لها صفة ، في وقوع الطلاق عليها ، وقد وجدت الصفة بقوله : أنت طالق ، فوجب أن يحنث بها في وقوع الطلقة الثانية عليها ، وهكذا لو
قال لها : إذا طلقتك فأنت طالق ثم قال لها : إن دخلت الدار فأنت طالق ، فدخلت الدار ، طلقت طلقتين، أحدهما بدخول الدار ، والثانية بأنه قد طلقها ، ولا فرق بين أن يكون الطلاق الذي أوقعه عليها ، طلاق مباشرة أو طلاقا قد علقه بصفة : لأنه في كلا الحالين قد طلقها فصار صفة في وقوع الطلاق الثاني عليها ، ولكن لو قال لها مبتدئا : إن دخلت الدار فأنت طالق ، ثم قال لها : إن طلقتك ، فأنت طالق ، ثم دخلت الدار ، لم تطلق إلا واحدة بدخول الدار ، ولا تطلق الثانية بوقوع الطلاق عليها : لأنه جعل إحداثه لإيقاع الطلاق عليها صفة في وقوع الطلاق الثاني عليها ، وإذا طلقت بما تقدم ، لم يكن محدثا لإيقاع الطلاق عليها فلم توجد الصفة فلذلك لم يقع الحنث .
ولو قال لها :
كلما طلقتك فأنت طالق ثم قال لها : أنت طالق ، طلقت طلقتين كالذي ذكرنا ، إحداها بالمباشرة والثانية بالصفة ، ولا يكون لقوله كلما تأثيرها هنا ، لأن معناه كلما أحدثت إيقاع الطلاق عليك ، فأنت طالق ، فإذا قال لها من بعد : أنت طالق ، فما أحدث للطلاق عليها إلا مرة ، فلم يقع الحنث به إلا مرة واحدة .
[ ص: 203 ] فلو قال في هذه المسائل كلها : أردت بقولي إذا طلقتك فأنت طالق ، أنها تكون طالقا بوقوع الطلاق عليها ، إخبارا عنه ، ولم أرد به عقد طلاق بصفة ، دين في الفتيا ، فلم يلزمه في الباطن إلا واحدة ، لاحتمال ما أراد ، ولزمه في ظاهر الحكم طلقتان تغليبا لحكم الظاهر .