فصل : ولو
قال وله أربع زوجات وعبيد : كلما طلقت واحدة منكن فواحد من عبيدي حر ، وكلما طلقت اثنتين فعبدان حران ، وكلما طلقت ثلاثا فثلاثة أعبد أحرار ، وكلما طلقت أربعا فأربعة أعبد أحرار ، فطلاق الأربع كلهن عتق عليه خمسة عشرة عبدا ، ووجه ذلك أنه علق العتق بالآحاد وبالاثنين وبالثلاث وبالأربع وفي الأربع أربعة آحاد فعتق بهن أربعة عبيد ، وفيهن اثنان واثنان ، فعتق بهن أربعة عبيد ، وفيهن ثلاث واحدة ، فعتق ثلاثة عبيد وفيهن أربع واحدة ، فعتق أربعة عبيد ، فصار ذلك خمسة عشر عبدا ، أربعة وأربعة وثلاثة وأربعة ، وإن شئت أن تعرف ذلك بطلاق كل واحدة منهن ، فإن طلاق الأولى ، يعتق به عبد واحد ، وطلاق الثانية يعتق به ثلاثة عبيد : لأنه قد جمع فيها صفتان أنها واحدة وأنها ثانية ، وطلاق الثالثة يعتق به أربعة عبيد ، لأنه قد اجتمع فيها صفتان ، أنها واحدة ، وإنها ثالثة ، وطلاق الرابعة يعتق به سبعة عبيد ، لأنه اجتمع فيها ثلاث صفات أنها واحدة ، وأنها ثانية وأنها رابعة هذا هو أصح ما قيل فيها .
ومن أصحابنا من أعتق بهن سبعة عشر عبدا ، وزاد عبدين بالثالثة ، وجعل فيها ثلاث صفات : صفة الواحدة وصفة الاثنتين والثالثة وصفة الثلاث .
ومن أصحابنا من أعتق بهن عشرين عبدا ، وبه قال أصحاب
أبي حنيفة ، وجعلوا في الرابعة أربع صفات ، صفة الواحدة ، وصفة الاثنتين وصفة الثلاث ، لأن الثانية والثالثة والرابعة ثلاث ، وصفة الرابعة ، فأعتق بالأولى عبدا ، وبالثانية ثلاثة ، وبالثالثة ، ستة ، وبالرابعة عشرة وكلا المذهبين خطأ ، والأول هو الأصح : لأن الاثنتين والثلاث إنما يتكرر بعد كمال عددها الأول .
ألا تراه لو
قال : كلما أكلت نصف رمانة ، فعبد من عبيدي حر فأكل رمانة ، عتق
[ ص: 208 ] عليه عبدان ، لأن الرمانة لها نصفان ، ولا يجوز أن يقال : يعتق عليه ثلاثة أعبد ، عبد بالنصف الأول وعبد ثالث إذا أكل الربع الثالث : لأنه يكون مع الربع الثاني نصفا ، وعبد ثالث إذا أكل الباقي ، لأنه مع الربع الثالث يكون نصفا ، فيعتق عليه ثلاثة أعبد ، ويكون هذا فاسدا : لأنه لا يكون نصف ثان إلا بعد كمال النصف الأول ، فلا يكون في الواحد أكثر من نصفين ، كذلك الأربعة لا يكون فيها أكثر من اثنين واثنين ، ولا يجوز أن يتداخل ذلك في بعض ، كما لا يجوز أن يتداخل في الرمانة أحد النصفين في الآخر ، وبهذا التعليل ما وهم فيه
أبو الحسن بن القطان من أصحابنا ولم يعتق عليه في هذه المسألة ، إلا عشرة أعبد ، واحد واثنين وثلاثة وأربعة ، وهذا وهم فاسد : لأن العدد لا يتداخل في مثله ، ويجوز أن يتداخل في غيره ، والآحاد موجودة في الأربعة فتضاعفت ، والاثنان تتضاعف في الأربعة ، ولا تضاعف الاثنتان من اثنين ، ولا الثلاثة من ثلاثة ، ففسد ما قاله
ابن القطان في اقتصاره على عتق عشرة ، كما فسد ما قاله غيره في عتقه سبعة عشرة وفي عتقه عشرين ، وكان الصحيح عتق خمسة عشرة عبدا من الوجهين المذكورين في التعليل .
مسألة : قال
الشافعي : " ولو
قال أنت طالق إذا لم أطلقك أو متى ما لم أطلقك فسكت مدة يمكنه فيها الطلاق طلقت ولو كان قال أنت طالق إن لم أطلقك لم يحنث حتى نعلم أنه لا يطلقها بموته قال
المزني رحمه الله تعالى فرق
الشافعي بين إذا وإن فألزم في إذا لم نفعله من ساعته ولم يلزمه في إن إلا بموته أو بموتها " .
قال
الماوردي : اعلم أن
الألفاظ المستعملة في شروط الطلاق سبعة . إن وإذا ومتى وما وأي وقت وأي زمان وأي حين ، ولها إذا استعملت في شروط الطلاق ثلاثة أحوال :
أحدها : أن تتجرد عن عوض ، وأن لا يدخل عليها " لم " الموضوعة للنفي .
والحال الثانية : أن لا يقترن بها العوض .
والحال الثالثة : أن تدخل عليها " لم " الموضوعة للنفي .
فأما القسم الأول : وهو أن تتجرد الألفاظ السبعة عن العوض ، ولا تدخل عليها لم ، فلا تكون هذه الألفاظ السبعة مستعملة إلا في تعليق الطلاق بوجود الشرط ، فيعتبر بوجود ذلك الشرط أبدا ما لم يفت من غير أن يراعى فيه الفور ، ويكون على التراخي ، فإذا وجد الشرط وقع به الطلاق ، إذا كان قبل موت أحدهما بطرفة عين .
فإذا قال : إن دخلت الدار فأنت طالق ، وإذا دخلت الدار أو متى ما دخلت ، أو أي وقت دخلت الدار ، أو أي زمان دخلت الدار ، أو أي حين دخلت الدار ، فأنت
[ ص: 209 ] طالق كانت هذه الألفاظ السبعة كلها على التراخي لتعلقها بوجود شرط ، لا يختص بزمان دون غيره فمتى وجد الشرط قريبا أو بعيدا تعلق به الحكم ، ووقع به الطلاق إذا كان قبل الموت ، فلو لم تدخل الدار حتى مات الزوج ، ثم دخلت لم تطلق ، وإن كان الشرط موجودا : لأن الطلاق لا يقع بعد موت الزوج ، فصار الشرع رافعا لحكم الشرط بالموت ، فإن قيل فقد قلتم في كتاب الخلع إذا قال لها : أنت طالق إن شئت أنه على الفور ، وأنت طالق إذا شئت ، أنه على التراخي وسويتم هاهنا بين قوله ، أنت طالق إن دخلت الدار ، وأنت طالق إذا دخلت الدار ، أنهما على التراخي ، قيل : قد ذكرنا في كتاب الخلع الفرق بين قوله : " أنت طالق إذا شئت أنه على التراخي " ، " وأنت طالق إن شئت أنه على الفور " .
فأما الفرق بين قوله : أنت طالق إن دخلت الدار ، فيكون على التراخي ، وبين قوله أنت طالق إن شئت ، فيكون على الفور ، وهو أنه إذا علق الطلاق بمشيئتها ، فهو تخيير ومن حكم التخيير أن يكون على الفور ، وإذا علقه بدخول الدار ، فهو صفة مشروطة ، يتعلق الحكم بها متى وجدت ، فلذلك صار على التراخي .