مسألة : قال
الشافعي : " ولو
قال إن كلمته فأنت طالق فكلمته حيث يسمع حنث وإن لم يسمع لم يحنث وإن كلمته ميتا أو حيث لا يسمع لم يحنث وإن كلمته مكرهة لم يحنث وإن كلمته سكرانة حنث " .
قال
الماوردي : وهذا صحيح إذا قال لها : إن كلمت زيدا فأنت طالق ، فكلمته مختارة كلاما سمعه ، سواء قل الكلام أو كثر ، أجاب زيد عنه ، أو لم يجب : لأن الكلام قد وجد ، وإن كلمته فلم يسمع نظر ، فإن كان بحيث يجوز أن يسمع لقربه ، فلم يسمع لشغله حنث : لأنه قد يقال : كلمت فلانا فلم يسمع فصارت مكلمة له ، وإن كان بحيث لا يجوز أن يسمع لبعده ، لم يحنث : لأنها لا تكون مكلمة له إلا إذا كان الكلام واصلا إليه ، وإلا فهي متكلمة وليست مكلمة ، ولو كلمته وهو أصم لا يسمع كلامها ، فإن كان بحيث لا يجوز أن يسمعه لو كان سميعا ، لم يحنث ، وإن كان بحيث يجوز أن يسمعه ، لو كان سميعا ففي حنثه وجهان :
أحدهما : يحنث كما لو كلمت سميعا ، فلم يسمع .
والوجه الثاني : لا يسمع ، لأن مثله غير مكلم ، وقد قال الله تعالى :
ولا تسمع الصم الدعاء إذا ولوا مدبرين [ الروم : 52 ] .
ولو كلمته وهو حي حنث ، ولو كلمته وهو مجنون مغلوب عليه ، لم يحنث لأن
[ ص: 216 ] مثله لا يكلم ، وكذلك لو كلمته وهو ميت ، والنائم والميت لا يكلمان ، فإن الله تعالى يقول :
فإنك لا تسمع الموتى [ الروم : 52 ] .
فإن قيل : فقد
nindex.php?page=hadith&LINKID=924121وقف رسول الله صلى الله عليه وسلم على قتلى بدر ، وهم في القليب فقال : هل وجدتم ما وعد ربكم حقا ، قيل : يا رسول الله أتكلم أمواتا لا يسمعون ، فقال : إنهم لأسمع منكم ، ولكنه لا يؤذن لهم في الجواب ، فصار الميت ممن يجوز أن يكلم ، فاقتضى أن يقع الحنث بكلامها له ميتا .
قيل : هذا هو الحجة على أن الميت لا يكلم : لأنهم أنكروا كلامه لهم ، ولو كان الميت مكلما ما أنكروه ، وقد يجوز أن يكون الله تعالى ، رد أرواحهم إليه ، حين كلمهم معجزة خص بها رسوله صلى الله عليه وسلم كما يعيد أرواحهم لسائله منكر ونكير ، ولو كلمته وهو سكران لا يشعر بالكلام ولا يسمعه ، لم يحنث : لأنه مثله لا يكلم كالنائم والمجنون .