مسألة : قال
الشافعي : " ولو
قال لها أنت طالق وطالق وطالق وقعت الأولى والثانية بالواو لأنها استئناف لكلام في الظاهر ودين في الثالثة فإن أراد بها طلاقا فهو طلاق وإن أراد بها تكريرا فليس بطلاق وكذلك أنت طالق ثم طالق ثم طالق وكذلك طالق بل طالق بل طالق ( قال
المزني ) رحمه الله وفي كتاب الإملاء وإن أدخل " ثم " أو
[ ص: 221 ] واوا في كلمتين فإن لم تكن له نية فظاهرها استئناف وهي ثلاث ( قال
المزني ) رحمه الله والظاهر في الحكم أولى والباطن فيما بينه وبين الله تعالى " .
قال
الماوردي : وهذا صحيح . إذا قال لها : أنت طالق وطالق وطالق ، وقعت الأولى والثانية ولم يرجع إلى إرادته فيهما ، لأنه قد غاير بين الحرفين ، فالطلقة الأولى بحرف الإشارة في قوله : أنت ، والطلقة الثانية بواو العطف ، وإذا غاير بين الحرفين خرج عن حكم التأكيد ، إلى الاستئناف ، لأن التأكيد يكون يشاكل الألفاظ فإن تغايرت صارت استئنافا ، وإذا كان كذلك وقعت الأولى والثانية لتغايرهما ، وكانت الثالثة مشابهة للثانية ، لاشتراكهما في واو العطف ، فدخلها الاحتمال فاقتضى أن لا يرجع فيها إلى إرادته ، فإن أراد بها التأكيد ، كانت تأكيدا ولم يطلق إلا ثنتين وإن أراد بها الاستئناف طلقت ثلاثا ، فإن لم تكن له إرادة ففيها قولان :
إحداهما : يكون تأكيدا .
والثاني : يكون استئنافا على ما مضى ، فلو قال : أردت بالثانية والثالثة التأكيد قبل منه في الثالثة ظاهرا وباطنا ، فلم تقع ولم تقبل منه في الثانية في ظاهر الحكم ، وقبل منه في الباطن وكان فيها مدينا ، فيلزمه في الظاهر طلقتان ، وفي الباطن واحدة ، وعلى هذا لو قال لها : أنت طالق ثم طالق ثم طالق ، وقعت الأولى والثانية ، لأنها مغايرة للأولى بحرف النسق ، والثالثة مثل الثانية ، يرجع إلى إرادته فيها ، فإن أراد بها التأكيد لم تطلق إلا ثنتين ، وإن أراد بها الاستئناف طلقت ثلاثا ، وهكذا لو قال : أنت طالق بل طالق ، بل طالق ، طلقت الأولى والثانية لتغايرهما بحرف الاستدراك ، الذي يقتضي الإضراب عن الأول باستدراك ما بعده ، والطلاق لا يرتفع بعد وقوعه ، ولكن الثالثة مشابهة للثانية ، فيسأل عنها ، ويحمل على إرادته فيها ، فإن لم يكن له إرادة فعلى قولين ، وهكذا لو قال لها : أنت طالق وأنت طالق وأنت طالق ، طلقت الأولى والثانية ، لأنه قد أدخل على الثانية واو العطف ، ورجع إلى إرادته في الثالثة ، لأنها كالثانية .