مسألة : قال
الشافعي : " خلا السكران من خمر أو نبيذ فإن المعصية بشرب الخمر لا تسقط عنه فرضا ولا طلاقا والمغلوب على عقله من غير معصية مثاب فكيف يقاس من عليه العقاب على من له الثواب وقد قال بعض أهل الحجاز لا يلزمه طلاق فيلزمه
[ ص: 235 ] إذا لم يجز عليه تحريم الطلاق أن يقول ولا عليه قضاء الصلاة كما لا يكون على المغلوب على عقله قضاء صلاة " .
قال
الماوردي : وهذه المسائل تشتمل على فصلين :
أحدهما :
طلاق المغلوب على عقله .
والثاني : طلاق السكران ، فأما المغلوب على عقله بجنون أو عته أو إغماء أو غش أو نوم ، فإذا تلفظ بالطلاق في حاله هذه التي غلب فيها على عقله فلا طلاق عليه ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم :
رفع القلم عن ثلاث عن الصبي حتى يبلغ وعن المجنون حتى يفيق وعن النائم حتى ينتبه . ولأنهم بزوال العقل أسوأ حالا من المكره العاقل ، فكان ما دل على ارتفاع طلاق المكره فهو على ارتفاع طلاق هؤلاء أدل . فلو أفاق المغلوب على عقله بما ذكرنا بعد أن تلفظ بالطلاق لم يلزمه بعد الإفاقة طلاق ، فلو اختلفا قالت الزوجة : قد كنت وقت طلاقي عاقلا ، وإنما تجاننت أو تغاشيت أو تناومت ، وقال الزوج : بل كنت مغلوب العقل بالجنون والإغماء والنوم فالقول قول الزوج مع يمينه ، ولا طلاق عليه ، لأمرين . أحدهما : اعتبارا بالظاهر من حاله .
والثاني : أنه أعرف بنفسه من غيره . ولو اختلفا فقال الزوج : طلقتك في حال الجنون . وقالت الزوجة : بل طلقتني بعد الإفاقة ، ففيه وجهان :
أحدهما : أن القول قول الزوج مع يمينه ، ولا طلاق عليه ، لأن الأصل بقاء النكاح ، وأن لا طلاق عليه .
والثاني : أن القول قولها مع يمينها ، والطلاق له لازم ، لأن الأصل الإفاقة ، والتزام أحكام الطلاق إلا على صفة مخصوصة ، ولكن لو ادعى أنه طلقها وهو مجنون ، وأنكرت أن يكون قد جن قط ، فالقول قولها مع يمينها ، والطلاق له لازم ، لأنه على أصل الصحة حتى يعلم غيرها .