فصل : فإذا تقرر ما وصفنا ، فكل
ما كان متصلا ببدنها اتصال الخلقة من جميع الأطراف والشعر ، وإذا أوقع عليه الطلاق ، وقع على جميعها على ما قدمناه من وجهي أصحابنا في وقوعه جملة أو سراية . فأما ما لم يكن متصلا اتصال الخلقة ، كالحمل
[ ص: 244 ] والأذن الملصقة بعد القطع ، فلا تطلق بطلاقه . وكذلك الدم والريق والعرق ، لأن البدن وعاؤه وليس بمتصل به ، كما يكون وعاء للطعام والشراب ، ولذلك ينفصل عن البدن كانفصال الطعام والشراب ، فلذلك لم تطلق بطلاقه .
وقال
ابن أبي ليلى : تطلق بطلاق ذلك ، لكونه من جملتها وفي بدنها كسائر أعضائها ، وهذا خطأ لما عللنا به ، وأنه يجري مجرى قوله : ثيابك طالق ، وهكذا لو أوقع الطلاق على أفعالها فقال : أكلك طالق ، أو شربك طالق أو قيامك طالق أو رقودك طالق ، وهكذا إذا أوقعه على حواسها فقال : نظرك طالق أو سمعك طالق أو ذوقك طالق أو لمسك طالق لم تطلق ، لانفصاله عنها ، إلا أن يوقعه على جوارح هذه الحواس فيقول : عينك طالق ، وأذنك طالق ، وأنفك طالق ولسانك طالق فتطلق ، فإن قال : عندك طالق لم تطلق أيضا ، فأما إن قال : بياضك طالق أو سوادك طالق ، أو لونك طالق ففي وقوعه عليها وجهان :
أحدهما : تطلق ، لأنه من ذاتها التي لا تنفصل عنها .
والوجه الثاني : أنها لا تطلق ، لأن الألوان أعراض تحل الذات وليست أجساما كالذات .