مسألة : قال
الشافعي : " فإن ماتت واحدة قبله ثم مات بعدها فقال وارثه طلق الأولى ورثت الأخرى بلا يمين وإن قال طلق الحية ففيها قولان أحدهما أنه يقوم مقام الميت فيحلف أن الحية هي التي طلق ثلاثا ويأخذ ميراثه من الميتة قبله وقد يعلم ذلك بخبره أو بخبر غيره ممن يصدقه . والقول الثاني أنه يوقف له ميراث زوج من الميتة قبله وللحية ميراث امرأة منه حتى يصطلحا " .
قال
الماوردي : وصورتها فيمن
طلق إحدى زوجتيه ، ثم ماتت إحداهما ومات الزوج بعدها قبل البيان ، فالواجب أن يعزل من تركة الميتة قبله ميراث زوج ، لجواز أن تكون الباقية هي الزوجة ويعزل من تركة الزوج ميراث زوجة ، لجواز أن تكون الباقية هي الزوجة ، ثم ينظر ما يقوله وارث الزوج ، فإن قال ما يضره في الأمرين : بأن
[ ص: 285 ] المتوفاة قبله مطلقة ، فلا ميراث لنا منها والباقية بعده زوجة فلها الميراث معنا ، فقد بين ما يضره ، فقوله مقبول فيه ، لأن ما يدعي عليه من ميراث الباقية قد صدق عليه ، وما يجوز أن يطالب به من ميراث الميتة قد أسقطه فلم يعترض عليه ، وإن بين ما ينفعه في الأمرين فقال : الميتة هي الزوجة فلنا الميراث من تركتها ، والباقية هي المطلقة فلا ميراث لها معنا ، فإن صدق على ذلك زال النزاع ، وحمل الأمر على ما قال ، فأعطي ميراث الميتة ، ومنع من ميراث الحية . وإن أكذب عليه وقال وارث الميتة : هي المطلقة فلا ميراث لكم منها .
وقالت الباقية : أنا الزوجة فلي الميراث معكم ، ففيه قولان ، نص عليهما
الشافعي هاهنا ، وتلك الأوجه الثلاثة بناء عليها ، ومخرجه منها أحد القولين : أن يرجع إلى بيان الوارث ، فيحلف لورثة الميتة على العلم ، لأنها يمين على نفي طلاق غيره ، فيقول : والله لا أعلم أنه طلقها ، ويستحق من تركتها ميراث زوج ، ويحلف للباقية على البت والقطع ، لأنها يمين على إثبات طلاقها فيقول : والله لقد طلقها ويسقط ميراثها من الزوج .
والقول الثاني : أنه لا يرجع إلى بيان الوارث لما ذكرنا من التعليل ، ويكون ما عزل من ميراث الميتة موقوفا حتى يصطلح عليه وارثها ووارث الزوج .
وما عزل من ميراث الزوج موقوفا حتى تصطلح عليه الزوجة الباقية ووارث الزوج والله أعلم بالصواب .