فصل : وإذا
حلف بالله تعالى أو بالطلاق على شيء يحتمل أمرين ، تعين أحدهما بالنية فإن لم يختلف في حظره وإباحته ، فالنية فيه نية الحالف دون المستحلف ، وإن اختلف في حظره وإباحته ، فإن النية فيه نية الحالف كان الحالف مظلوما والمستحلف ظالما ، كالحالف إذا كان شافعيا فحلف أن لا شفعة عليه للجار أو كان حنفيا فحلف أن لا ثمن عليه للمدبر ، فالنية في اليمين نية الحالف دون الحاكم المستحلف وإن كان الحالف ظالما كالشافعي إذا حلف لا ثمن عليه للمدبر ، والحنفي إذا حلف أن لا شفعة عليه للجار كانت النية نية الحاكم المستحلف دون الحالف فكأنها لا تكون على نية المستحلف إلا في هذا الموضع وحده ، فأما إذا تفرد الحالف باليمين فهي محمولة على نيته إذا كان ما نواه فيها محتملا .
وإن حلف على شيء ماض أنه ما فعله ، وقد فعله ، ونوى في يمينه أنه ما فعله
بالصين أو على ظهر
الكعبة أو حلف على شيء مستقبل أنه يفعله ، ولم يفعله ، ونوى في يمينه أنه يفعله في
الصين أو على ظهر
الكعبة حمل على نيته ولم يحنث ، ولو حلف فقال : كل نسائي طوالق ونوى نساء قرابته لم تطلق نساؤه ، وإذا قال لزوجته : إن تزوجت عليك فأنت طالق ، ونوى أن يتزوج على بطنها ، حمل على ما نوى ولم يحنث إن تزوج عليها غيرها ، ولو قيل له : طلقت زوجتك فقال : نعم وأراد نعم بني فلان كان على ما نوى في الباطن ، وإن كان مؤاخذا بإقراره في الظاهر ، وإذا حلف ما كاتبت فلانا أو لا كلمته ولا رأيته ولا عرفته ولا أعلمته ونوى بالمكاتبة عقد المكاتبة وبقوله : ما رأيته أي ما ضربت رئته وبقوله ما كلمته أي ما جرحته وبقوله : ما عرفته أي ما جعلته عريفا ، وبقوله ما أعلمته أي ما قطعت شفته العليا ، حمل ذلك على ما نوى وهكذا لو حلف فقال : ما أخوف لك جملا ولا بقرة ولا ثورا ولا عنزا ونوى بالجمل السحاب ، وبالبقرة العيال ، وبالثور القطعة من الأقط ، وبالعنز الأكمة السوداء ، حمل على ما نوى ولم يحنث ، وهكذا لو قال : ما شربت لك ماء ونوى المني حمل عليه ، وصح ما نواه ، وكذلك جميع الأشباه المشتركة فيجوز له أن يؤدي عن الظاهر ، ولا يحرم عليه ذلك إذا
[ ص: 300 ] لم يقصد به التوصل إلى محظور .
قال الله تعالى في قصة
إبراهيم :
أأنت فعلت هذا بآلهتنا ياإبراهيم قال بل فعله كبيرهم هذا فاسألوهم إن كانوا ينطقون [ الأنبياء : 62 ، 63 ] .
قيل : إنه نوى إن كانوا ينطقون ، فقد فعله كبيرهم هذا .
وروي
nindex.php?page=hadith&LINKID=924137أن سويد بن حنظلة أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم : أنه حلف بالله أن وائل بن حجر أخوه ليخلصه من العدو ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم صدقت المسلم أخو المسلم وبالله التوفيق .