مسألة : قال
الشافعي : " والكلام بها أن يقول قد راجعتها أو ارتجعتها أو رددتها إلي " .
قال
الماوردي : وهذا صحيح : لأن الرجعة إذا لم تكن إلا بالكلام اختصت بالتصريح دون الكناية ، وللتصريح في
الرجعة لفظتان :
إحداهما : راجعتك أو ارتجعتك .
[ ص: 312 ] الثانية : رددتك أو ارتددتك فصريح بالكتاب ، قال الله تعالى :
وبعولتهن أحق بردهن في ذلك إن أرادوا إصلاحا [ البقرة : 228 ] وأما راجعتك فصريح بالسنة ، قال النبي صلى الله عليه وسلم
لعمر :
nindex.php?page=hadith&LINKID=924149مره فليراجعها .
ثم العرف الجاري به ، فلم يختلف أصحابنا في قوله : " راجعتك " أنه صريح ، وأما رددتك فقد نص
الشافعي في كتاب " الأم " على أنه صريح ولم يذكره في القديم والإملاء ، فوهم الربيع فخرج منه قولا آخر أنه كناية لا تصح به الرجعة ، لإخلال
الشافعي بذكره في القديم والإملاء ، وقد أنكر تحريمه جمهور أصحابنا ، فأما قوله : قد أمسكتك فقد اختلف أصحابنا ، هل يكون صريحا تصح به الرجعة أم لا ؟ على وجهين : أحدهما : هو قول
أبي سعيد الإصطخري ، أنه صريح فيها كقول الله تعالى :
فأمسكوهن بمعروف .
والوجه الثاني : أنها كناية لا تصح بها الرجعة والفرق بين أمسكتك حيث لم يكن صريحا وبين راجعتك ورددتك حيث كان صريحا أن المطلقة مرسلة مخلاة ، والعرب تقول : لما خرج عن اليد إذا أعيد إليها : قد ارتجعته فرددته ، ولا تقول أمسكته إلا لما كان في اليد لم يخرج عنها ، فلذلك افترقا في حكم الرجعة .
فأما إذا
راجع بلفظ النكاح والتزويج مثل : قد تزوجتها أو نكحتها ، ففيه وجهان :
أحدهما : تصح به الرجعة : لأن ما صح به أغلظ العقدين كان أخفهما له أصح .
والوجه الثاني : وهو أصح أنه لا تصح به الرجعة : لأن صريح كل عقد إذا نقل إلى غيره ، صار كناية فيه كصريح البيع في النكاح ، وصريح الطلاق في العتق ، والرجعة لا تصح بالكناية ، وليس إذا انعقد الأقوى بلفظ كان صريحا فيه ، وجب أن ينعقد بالأضعف ، ألا ترى أن ما انعقد به النكاح الذي هو أقوى لم يقع به الطلاق الذي هو أضعف .