مسألة : قال
الشافعي : " ولا يلزمه الإيلاء حتى يصرح بأحد أسماء الجماع التي هي صريحة وذلك قوله والله لا أنيكك ولا أغيب ذكري في فرجك أو لا أدخله في فرجك أو لا أجامعك أو يقول إن كانت عذراء والله لا أفتضك أو ما في مثل هذا المعنى
[ ص: 345 ] فهو مول في الحكم ( وقال في القديم ) لو قال والله لا أطؤك أو لا أمسك أو لا أجامعك فهذا كله باب واحد كل ما كان للجماع اسما كني به عن نفس الجماع فهو واحد وهو مول في الحكم قلنا ما لم ينوه في لا أمسك في الحكم في القديم ونواه في الجديد وأجمع قوله فيهما بحلفه لا أجامعك أنه مول وإن احتمل أجامعك ببدني وهذا أشبه بمعاني العلم والله أعلم ( قال
الشافعي ) رحمه الله ولو قال والله لا أباشرك أو لا أباضعك أو لا أمسك أو ما أشبه هذا فإن أراد جماعا فهو مول وإن لم يرده فغير مول في الحكم " .
قال
الماوردي : وجملة الألفاظ التي يستعلمها في الإيلاء تنقسم خمسة أقسام :
أحدها : ما كان صريحا في الظاهر الباطن .
والثاني : ما كان صريحا في الظاهر كناية في الباطن .
والثالث : ما كان كناية في الظاهر والباطن .
والرابع : ما كان مختلفا فيه .
والخامس : ما لم يكن صريحا ولا كناية .
فأما القسم الأول : وهو
ما كان صريحا في الظاهر والباطن فهو والله لا أنيكك أو لا أدخل ذكري في فرجك أو لا أغيبه فيه أو لا أفتضك بذكري وهي بكر فهذا صريح في الإيلاء ظاهرا وباطنا به موليا أراد به الإيلاء أم لم يرد ، فيكون موليا في الأحوال الثلاث إذا أراد به الإيلاء وإذا أطلق وإذا لم يرد ، فأما إذا
قال في البكر : لا أفتضك ولم يقل بذكري فمن أصحابنا من جعله من هذا القسم صريحا في الظاهر والباطن ، ومن أصحابنا من جعله من القسم الثاني لاحتماله أن لا يفتضها بيده .
وأما القسم الثاني : وهو
ما كان صريحا في الظاهر كناية في الباطن فهو قوله : والله لا وطئتك ولا جامعتك فهو صريح في الظاهر اعتبارا بالعرف في هذا اللفظ فيجعله به موليا في الحكم وكناية في الباطن لاحتمال أن يريد لا أطؤك بقدمي ولا أجامعك أي لا اجتمع معك فيدان فيه إن لم يرد به الإيلاء فيصير بذلك موليا في حالتين : إذا أراد به الإيلاء ، وإذا أطلق ، ولا يكون موليا في حالة واحدة وهو إذا لم يرد به الإيلاء ، فإن
قال والله لا وطئتك بذكري ولا جامعتك بفرجي فمن أصحابنا من جعله من القسم الأول صريحا في الظاهر والباطن لخروجه بذكر الفرج عن حال الاحتمال .
ومن أصحابنا من جعله من هذا القسم صريحا في الظاهر دون الباطن ولم يخرجه ذكر الفرج من حد الاحتمال لأنه يحتمل لا أطؤك بفرجي ولا أجامعك بذكري دون الفرج فلذلك صار صريحا في الظاهر كناية في الباطن .
[ ص: 346 ] وأما القسم الثالث : وهو
ما كان كناية في الظاهر والباطن فهو كقوله والله لأسوأنك والله لا قربتك أو والله لا أجمع رأسي برأسك أو لا ضمنا بيت أو لا ضاجعتك أو لتطولن غيبتي عنك إلى ما جرى هذا المجرى من الألفاظ المحتملة للوطء وغيره فتكون كناية في الظاهر والباطن لا يكون به موليا إلا مع الإرادة فيصير به موليا في حالة واحدة وهي مع وجود الإرادة ولا يكون به موليا في حالتين : وهو إذا أطلق أو لم يرد الإيلاء .
وأما القسم الرابع : وهو
ما كان مختلفا فيه فهو ثلاثة ألفاظ ، لا باضعتك ولا باشرتك ولا مسستك ففي هذه الألفاظ الثلاثة قولان :
أحدهما : وهو قوله في القديم ، أن ذلك يكون صريحا في الظاهر كناية في الباطن كالقسم الثاني ، فيكون به موليا في حالتين إن أراد أو أطلق ، ولا يكون به موليا في حالة واحدة وهو إذا لم يرد لأن المباضعة مفاعلة من البضع وهو الفرج ، والمسيس والمباشرة قد تعلق عليهما في الشرع حكم الوطء .
والقول الثاني : وهو قوله في الجديد أنه كناية في الظاهر والباطن كالقسم الثالث فلا يكون به موليا في حالتين : إذا أطلق أم لم يرد ، ويكون به موليا في حالة واحدة إذا أراد .
واختلف أصحابنا في ثلاثة ألفاظ : لا أصبتك ، ولا غشيتك ، ولا لمستك ، فمنهم من أجراها مجرى هذا القسم في أنها على قولين ، ومنهم من أخرجها منه وجعلها من القسم الثالث كناية في الظاهر والباطن .
وأما القسم الخامس : وهو
ما لم يكن صريحا ولا كناية فهو كقوله لا أوحشتك أو لا أحزنتك أو لا كسوتك أو لا أطعمتك أو لا أشربتك أو لا ضربتك فهذا وما شاكله لا يكون به موليا في الأحوال الثلاث لا إن أطلق ، وإن لم يرد ولا إن أراد كالذي لا يكون صريحا ولا كناية من الطلاق ولا يقع به الطلاق .