مسألة : قال
الشافعي رضي الله عنه : " وإنما قلت للسلطان أن يطلق عليه واحدة لأنه كان على المولي أن يفيء أو يطلق إذا كان لا يقدر على الفيئة إلا به فإذا امتنع قدر على الطلاق عنه ولزمه حكم الطلاق كما يأخذ منه كل شيء وجب عليه إذا امتنع من أن يعطيه ( وقال في القديم ) فيها قولان أحدهما وهو أحبهما إليه والثاني يضيق عليه بالحبس حتى يفيء أو يطلق لأن الطلاق لا يكون إلا منه ( قال
المزني ) رحمه الله تعالى ليس الثاني بشيء وما علمت أحدا قاله " .
قال
الماوردي : قد ذكرنا أنه إذا
امتنع بعد المدة من الفيئة أو الطلاق ، هل يطلق الحاكم عليه أم لا على قولين أصحهما تطلق عليه ، وإذا كان هكذا : فإن كان الزوج هو المطلق كان مخيرا في عدد الطلاق وأقله واحدة يملك فيها الرجعة فإن طلق اثنتين فإن
[ ص: 391 ] الرجعة بعدها ، وإن طلق ثلاثا بانت وطلاقه واقع في أي زمان أوقعه قبل المدة وبعدها ، إلا أنه قبل المدة غير مستحق وبعد المدة مستحقة .
وإن كان الحاكم هو المطلق ، فطلاقه معتبر بثلاث شروط :
أحدهما : أن يكون الزوج ممتنعا منه فإن كان غير ممتنع منه فطلق الحاكم عليه لم يقع طلاقه .
والثاني : أن يكون مقصورا على العدد المستحق وهو طلقة واحدة ، فإن طلق أكثر منها وقعت الواحدة ولم يقع الزيادة عليها .
والفرق بينه وبين الزوج : أن الحاكم موقع ما وجب والزوج يوقع ما ملك .
والثالث : أن يوقع الطلاق في زمان الوجوب ، وذلك بعد انقضاء المدة ، فإن طلق قبل انقضائها لم يقع طلاقه : لأنه لم يجب ما يستوفيه ، وإن طلق بعد انقضائها ، لم يخل من أن يكون قبل الثلاث أو بعدها ، فإن طلق بعد الثلاث وقع طلاقه ، وإن طلق قبل الثلاث فهو مبني على ما ذكرنا من القولين في إنظار المولي بالفيئة ثلاثا ، فإن قلنا إنه لا ينظر بها وقع طلاق الحاكم قبلها ، وإن قلنا إنه ينظر بها ففي وقوع طلاقه قبلها وجهان بناء على اختلاف الوجهين في الثلاث ، هل يجب شرعا أو استنظارا فإن قيل يجب استنظارا وقع طلاق ، وإن قيل يجب شرعا لم يقع طلاق ، هذا إن كان الحاكم يرى إنظار الثلاث ، فأما إن كان لا يراها وقع طلاقه وجها واحدا لأنه عن اجتهاد سائغ .