مسألة : قال
الشافعي رضي الله عنه : " إذا كان المنع ليس من قبله مثل أن تكون صبية أو مضناة لا يقدر على جماعها ، فإذا صارت في حد من تجامع استؤنفت بها أربعة أشهر " .
قال
الماوردي : وهذا صحيح ، إذا وجدت هذه الموانع التي من جهتها في مدة التربص وهو الوقف الأول فجميعها غير محسوب على الزوج لمنعها من الإصابة إلا الحيض وحده فإن زمانه محسوب على الزوج وإن كان مانعا والفرق بينه وبين غيره من الموانع أن الحيض حله وانقطاعه في مدة التربص غير معهود ، وخلو المدة منه في الغالب غير موجود ، فصار زمانه محسوبا فليس كغيره من الموانع التي تخلو مدة التربص منها في الأغلب ، فإن طرأت فيها كانت نادرة فلذلك كان زمانها غير محسوب ، ألا ترى أن وجود الحيض في صوم الشهرين المتتابعين في كفارة القتل لا يبطل تتابعه بالحيض لتعذر خلوه منه ، ويبطل تتابعه بفطر ما سوى الحيض لإمكان خلوه منه .
والفرق بين وجود
الحيض في زمان المطالبة فيمنع منها كغيره من الموانع ، وبين وجوده في مدة التربص فيحتسب بزمانه بخلاف غيره من الموانع ، هو أنه يمكن أن يخلو منه زمان المطالبة في الأغلب فساوى غيره من الموانع ولا يمكن أن يخلو منه زمان التربص في الأغلب فخالف غيره من الموانع وجرى وجوده في زمان المطالبة مجرى وجوده في صوم الثلاث في كفارة اليمين يبطل تتابعها لإمكان خلوها منه . وجرى وجوده في مدة التربص مجرى وجوده في صوم الشهرين المتتابعين لا يبطل تتابعهما لتعذر خلوها منه .
فأما النفاس فقد اختلف أصحابنا فيه على وجهين :
أحدهما : أنه غير قاطع لمدة التربص ومحسوب فيه : لأن أحكام الحيض عليه جارية فأشبه الحيض .
[ ص: 394 ] والوجه الثاني : أنه قاطع مدة التربص وغير محسوب فيها بخلاف الحيض وهو الصحيح : لأن الحيض غالب والنفاس نادر فأشبه سائر الموانع .
فأما الصغر : فإن لم يمنع من الافتضاض بالتقاء الختانين كان زمانه محسوبا ، وإن كان مانعا من التقاء الختانين لم يحتسب عليه في مدة التربص حتى يصير على حال يقدر على ذلك منها فيستأنف له التربص .
وأما
المرض فإن أمكن معه إصابتها بتغييب الحشفة في فرجها من غير أن يقربها كان زمانه محسوبا في مدة التربص ، وإن كان لا يمكن معه تغييب الحشفة إلا بضرر يلحقها كان زمانه غير محسوب في مدة التربص حتى يصير إلى ما لا يلحقها من ذلك ضرر فتحتسب في مدة التربص .