مسألة : قال
الشافعي ، رضي الله عنه : " وإذا قرأ السجدة سجد فيها "
قال
الماوردي : وهذا كما قال يستحب لمن
قرأ السجدة ، أو سمع من يقرؤها أن يسجد لها في صلاة كان ، أو غير صلاة ، ولا تجب عليه قارئا كان أو مستمعا ، وبه قال
عمر ، وهو مذهب
مالك
وقال
أبو حنيفة :
سجود التلاوة واجب على القارئ ، والمستمع في صلاة وغير صلاة ، فإن كان في غير صلاة سجد في الحال ، وإن كان في صلاة فهو بالخيار إن شاء سجد في الحال ، وإن شاء سجد بعد السلام
واستدل بقوله تعالى :
فما لهم لا يؤمنون وإذا قرئ عليهم القرآن لا يسجدون [ الانشقاق : 20 ] . فذمهم بترك السجود ووبخهم عليه ، فدل على وجوبه ، قال : ولأنها سجود مفعول في الصلاة فوجب أن يكون واجبا كسجدات الصلاة
ودليلنا رواية
عطاء بن يسار nindex.php?page=hadith&LINKID=921418عن زيد بن ثابت أنه قرأ عند رسول الله صلى الله عليه وسلم بسورة النجم فلم يسجد ولو كان واجبا لسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمر به زيدا ، وروي
أن رجلا قرأ عند رسول الله صلى الله عليه وسلم آية سجدة فسجد ، وقرأها آخر فلم يسجد ، فقال صلى الله عليه وسلم : " كنت إمامنا ، فلو سجدت سجدنا [ ص: 201 ] وفيه دليلان :
أحدهما : أنه لم يأمره بالسجود وأقره على تركه .
والثاني : قوله صلى الله عليه وسلم : "
لو سجدت سجدنا " على سبيل المتابعة والتخيير .
وروى
الشافعي أن
عمر بن الخطاب ، رضي الله عنه ، قرأ السجدة على المنبر يوم الجمعة فسجد ، وقرأها في الجمعة الثانية فتهيأ الناس للسجود ، فقال : أيها الناس على رسلكم إن الله عز وجل لم يكتبها علينا إلا أن نشاء .
وروى عنه
الشافعي أنه قال : فمن سجد فقد أحسن ، ومن لم يسجد فلا إثم عليه .
فدل قوله رضي الله عنه بحضرة الملإ من
المهاجرين ،
والأنصار ، وعدم مخالفتهم له على إجماعهم أنه ليس بواجب ، ولأنه سجود يجب للمسافر فعله على الراحلة في الأحوال ، فاقتضى أن لا يكون واجبا .
أصله سجود النافلة ، ولأنها صلاة غير واجبة فوجب أن لا يكون السجود لها واجبا .
أصله إذا أعاد تلك الآية ، ولأنه لما لم يجب عند العود إلى التلاوة لم يجب عند ابتداء التلاوة ، كالطهارة ، ولأن كل سجود لا تبطل الصلاة بتركه فهو مسنون كسجود السهو ، وأما قوله تعالى :
وإذا قرئ عليهم القرآن لا يسجدون فالمراد بها الكفار بدليل ما تعقبها من الوعيد الذي لا يستحقه من ترك سجود التلاوة ، وقوله تعالى :
لا يسجدون [ الانشقاق : 21 ] يعني لا يعتقدون ، ألا ترى قوله تعالى :
بل الذين كفروا يكذبون [ الانشقاق : 25 ] .
وأما قياسهم فباطل ، لسجود السهو على أن المعنى في سجود الصلاة كونه مرتبا في أوقات معتبرات .