مسألة : قال
الشافعي رضي الله عنه : " ولو آلى ثم آلى فإن حنث في الأولى والثانية لم يعد عليه الإيلاء وإن أراد باليمين الثانية الأولى فكفارة واحدة وإن أراد غيرها فأحب كفارتين " .
قال
الماوردي : وجملة ذلك أنه إذا
آلى مرة ثم آلى ثانية انقسم حاله فيها أربعة أقسام :
أحدها : أن يكون
اليمينان من جنسين وعلى زمانين كقوله : والله لا أطؤك سنة،
[ ص: 407 ] فإذا مضت، فإن وطئتك بعدها فعبدي حر فهما إيلاءان لا يكون الحنث في أحدهما حنثا في الآخر لاختلاف الجنسين والزمانين ، ولا الواجب في أحدهما واجب في الآخر لاختلاف الجنسين فإذا وطئ بعدها في السنة الأولى حنث بالله تعالى ولزمه كفارة يمين ، وإذا وطئ بعدها حنث بالعتق وعتق عليه عبده .
والقسم الثاني :
أن يكونا من جنسين وعلى زمان واحد كقوله : إن وطئتك سنة فمالي صدقة ثم يقول : إن وطئتك في هذه السنة فأنت طالق فهو إيلاء واحد بيمينين يكون الحنث فيه واحدا لأن الزمان واحد، والواجب فيه شيئين لأنهما جنسان فتطلق عليه بالحنث ويكون في الصدقة بماله مخيرا بين الصدقة وبين كفارة يمين لأنه نذر لجاج خرج مخرج اليمين .
والقسم الثالث :
أن يكون من جنس واحد وعلى زمانين كقوله : والله لا وطئتك خمسة أشهر وإذا مضت فوالله لا وطئتك سنة فهو إيلاءان لا يكون الحنث في أحدهما حنثا في الآخر لاختلاف الزمانين، والواجب في أحدهما مثل الواجب في الآخر لتماثل اليمينين، فإذا حنث في الأول فعليه كفارة يمين وإذا حنث في الثاني فعليه كفارة ثانية .
والقسم الرابع :
أن يكون من جنس واحد وعلى زمان واحد كقوله والله لا وطئتك سنة ثم يقول لا وطئتك سنة ويريد بهما سنة واحدة فهو إيلاء واحد بيمينين من جنس واحد فيكون الحنث فيهما واحدا كان الزمان واحدا أم لا ، ولم يخل حاله في اليمينين المتماثلين من ثلاثة أقسام :
أحدها :
أن يريد بالثانية تأكيد الأولى فلا يلزمه إلا داخل في حكم المؤكد ، كما لو كرر الطلاق تأكيدا لم يلزمه إلا طلاق واحد .
والقسم الثاني :
أن يريد باليمين الثانية الاستئناف ففيه قولان :
أحدهما : عليه كفارة واحدة وهو ظاهر كلامه ها هنا لأنه قال فأوجب كفارتين ، فجعل الثانية مستحبة لا واجبة ، ووجه ذلك أن اليمين الثانية لم تفد غير ما أفادت الأولى فلم توجب غير موجب الأولى ، ولأن الحرمتين إذا اتفقتا في الموجب تداخلتا كالمحرم إذا قتل صيدا في الحرم لزمه جزاء واحد .
والقول الثاني : عليه كفارتان .
ووجهه : إن حرمة اليمين الثانية كحرمة اليمين الأولى فوجب أن يوجب مثل حكم الأولى ، ولأنهما يمينان مقصودتان فلم يتداخل موجبهما كالجنسين .
والقسم الثالث : أن يطلق اليمين الثانية فلا يريد بها التأكيد كالقسم الأول ، ولا يريد بها الاستئناف كالقسم الثاني ، فإن قيل لو أراد الاستئناف لزمته كفارة واحدة ففي
[ ص: 408 ] الإطلاق أولى أن يلزمه كفارة واحدة ، فإن قيل لو أراد الاستئناف لزمته كفارتان، ففيه إذا أطلق قولان بناء على اختلاف قوله فيمن - قال أنت طالق أنت طالق ولم يرد تأكيدا ولا استئنافا ، فأحد قوليه يلزمه طلقتان فكذلك ها هنا يلزمه كفارتان ، والقول الثاني يلزمه طلقة واحدة وكذلك ها هنا يلزمه كفارة واحدة .