فصل : فأما
أبو حنيفة فالكلام معه في فصلين :
أحدهما : إثباته
سجدة " ص " في العزائم برواية
ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سجد في
[ ص: 204 ] سورة " ص " والدلالة على أنها سجدة شكر لا عزيمة رواية
الشافعي عن
سفيان بن عيينة ، عن
عبدة ، عن
ذر ، عن
ابن مسعود nindex.php?page=hadith&LINKID=921424أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سجد في سورة " ص " ، وقال سجدها داود للتوبة ، ونحن نسجدها شكرا لله سبحانه على قبول توبة داود عليه السلام ، قال
ابن عباس : سجد فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم وليست من العزائم .
والفصل الثاني : في إسقاط
السجدة الثانية من الحج استدلالا بأن
سجود العزائم في القرآن إنما ورد بلفظ الإخبار ، أو على سبيل الذم ، والسجدة الثانية من الحج وردت بلفظ الأمر ، فخالفت سجود العزائم ، وشابهت قوله تعالى :
فاسجدوا [ النجم : 42 ] ،
وكن من الساجدين وقوله تعالى :
ومن الليل فاسجد له [ الإنسان : 26 ]
فاسجد له وسبحه ليلا طويلا [ الإنسان : 26 ] فلما ورد ذلك بلفظ الأمر سقط السجود له كذلك السجدة الثانية من الحج ، والدليل على إثباتها في سجود العزائم رواية
عقبة بن عامر nindex.php?page=hadith&LINKID=921425أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل في الحج سجدتان قال : " نعم ، من لم يسجدهما لم يقرأهما ولأن السجدة الثانية أوكد من الأولى لورودها بلفظ الأمر ، وورود الأولى بلفظ الإخبار ، فكان السجود لها أولى ، فأما اعتبار
أبي حنيفة فلا يصح ، لأن قوله تعالى :
فاسجدوا لله واعبدوا [ النجم : 62 ] أمر وكل ذلك من سجود العزائم ، وقد ورد لفظ الإخبار فيما ليس بعزيمة ، وهو قوله تعالى :
فسجد الملائكة كلهم أجمعون [ ص : 73 ] فعلم فساد اعتباره .