مسألة : قال
الشافعي رحمه الله تعالى : " ولو
تظاهر من امرأته وهي أمة ثم اشتراها فسد النكاح، والظهار بحاله لا يقربها حتى يكفر ؛ لأنها لزمته وهي زوجة " .
قال
الماوردي : وصورتها في رجل ظاهر من زوجته وهي أمة فظهاره منها صحيح كما أن طلاقه عليها واقع فإذا اشتراها بعد ظهاره فعلى ضربين :
أحدهما : أن يكون الشراء بعد مضي زمان العود ووجوب الكفارة فيبطل النكاح بالملك ، ولا تسقط الكفارة بالشراء لوجوبها قبله وهي محرمة عليه بعد الشراء والملك حتى يكفر، كما كانت محرمة عليه قبل الشراء كالملاعنة إذا اشتراها كان تحريمها بعد الشراء كتحريمها قبله وكالمطلقة ثلاثا إذا اشتراها ، فعلى هذا لو أعتقها في كفارته أجزأته، وإن كانت سببا في وجوبها عليه كما لو نذر إن ملك أمة أن يعتق رقبة فملك أمة جاز أن يعتقها عن نذره وإن كانت سببا لوجوب نذره .
والضرب الثاني : أن يشتريها قبل العود وذلك بأن يشتريها عقيب ظهاره من غير فصل ففي عوده وجهان :
أحدهما : وهو الظاهر من كلام
الشافعي ها هنا أنه يصير عائدا بالشراء لأن العود أن يمسكها بعد الظهار فلا يحرمها، وليس الشراء تحريما لها، بل استباحتها بالملك أقوى من استباحتها بالنكاح، فعلى هذا قد وجبت عليه كفارة العود وحرم عليه إصابتها حتى يكفر ، ولو اتبع الشراء عتقها لم تسقط عنه الكفارة .
[ ص: 418 ] والوجه الثاني : وهو قول
أبي إسحاق المروزي أنه لا يكون بالشراء عائدا ولا بعده، وقد سقط حكم العود بثبوت الملك ؛ لأن العود أن يمسكها زوجة وهذه بالشراء عقيب الظهار خارجة من الزوجية ، ولأن الشراء أرفع للزوجية من الطلاق الرجعي ، ولأن العود تابع للظهار، فلما لم يصح الظهار إلا في حال الزوجية لم يصح العود إلا في حال الزوجية .
قال
أبو إسحاق : وهذا هو الظاهر من كلام
الشافعي رحمه الله لأن تعليله بأنها لزمته وهي زوجته دليل على أنه حرمها عليه لوجوب الكفارة وهي زوجة فعلى هذا لا يصير عائدا بالشراء ولا تجب عليه الكفارة وتحل له كالأمة التي لم يتقدم ظهارها ، ووجدت لبعض أصحابنا وجها ثالثا وهو أن قال : إن كان الشراء عقيب الظهار بأن ابتدأ الزوج بالطلب فقال للمالك : بعني فقال : قد بعت، لم يكن عائدا لأنه شرع عقيب ظهاره فيما يرفع الزوجية فلم يكن عائدا كما لو شرع في الطلاق ، وإن ابتدأ المالك عقيب ظهاره بالبذل فقال : قد بعتك فقال الزوج : قد قبلت صار عائدا لأن بذل المالك غير منسوب إلى فعل الزوج فصار الزوج في زمان البذل ممسكا عن رفع الزوجية وما يعقب البذل من قبوله الرافع للزوجية كان بعد مضي زمان العود فلذلك صار عائدا ووجبت عليه الكفارة فامتنع منها حتى يكفر ولهذا الوجه وجه بين والله أعلم .