مسألة : قال
الشافعي رضي الله عنه : "
ولو قال إذا تظاهرت من فلانة الأجنبية فأنت علي كظهر أمي فتظاهر من الأجنبية لم يكن عليه ظهار كما لو طلق أجنبية لم يكن طلاقا " .
قال
الماوردي : اعلم أنه إذا علق ظهار زوجته بظهاره من غيرها كقوله لها : إذا تظاهرت من فلانة فأنت علي كظهر أمي لم يخل حال تلك من أمرين : إما أن تكون زوجة أو أجنبية ، فإن كانت زوجة له أخرى كرجل له زوجتان حفصة وعمرة . فقال : يا حفصة متى تظاهرت من عمرة فأنت علي كظهر أمي فإذا تظاهر من عمرة صح ظهاره منها بالمواجهة لأنها زوجته وصار مظاهرا من زوجته حفصة بالصفة، وعليه لكل واحدة منهما كفارة قولا واحدا . فإن قيل : فهلا كان عليه في أحد القولين كفارة واحدة ؛ كما لو جمع بينهما في الظهار .
قلنا : لأنه في الجمع بينهما مظاهر منهما بكلمة واحدة فجاز أن يلزمه في أحد القولين كفارة واحدة وهو في هذا الموضع مظاهر منهما بكلمتين فلزمه لهما كفارتان .
وإن كانت تلك الأخرى أجنبية فعلى ضربين :
أحدهما : أن يذكرها بالاسم ولا يصفها بالأجنبية كقوله : إذا تظاهرت من عمرة فأنت علي كظهر أمي، وعمرة أجنبية فلم يتظاهر من عمرة فهو غير متظاهر من زوجته حفصة ، وإن تظاهر من عمرة لم يخل أن يتظاهر منها قبل نكاحها أو بعده ، فإن تظاهر منها بعد نكاحها صح ظهاره منها ؛ لأن الظهار صار منها وهي زوجته فصار مظاهرا من زوجته بالصفة لأنها قد وجدت بالظهار الصحيح في عمرة ، وإن تظاهر من عمرة قبل نكاحها كان ظهاره منها فاسدا ؛ لأنه يصبح من غير زوجته ، وإذا فسد ظهاره منها لم يصر مظاهرا من زوجته حفصة لأنه جعل ظهاره منها مشروطا بظهاره من عمرة ، فإذا فسد ظهار عمرة عدم الشرط المعتبر في ظهار حفصة وكذلك في الطلاق إذا قال لزوجته : إذا طلقت عمرة فأنت طالق لم تطلق عمرة وهي أجنبية ولا زوجته ؛ لأن كلامه لعمرة وهي أجنبية ليس بطلاق، كذلك الظهار ، وإنما كان هكذا لأن الأسماء إذا تعلق بها في الشرع أحكام كان وجود الأحكام مشروطا في صحة الأسماء ، وعدمها دليلا على فساد تلك الأسماء كاسم البيع والنكاح، ويتعلق بهما مع الصحة ويزول عنهما بالفساد فلو قال : أردت بظهاري من عمرة الأجنبية لفظ الظهار في اللغة دون حكمه في الشرع يحمل على
[ ص: 442 ] قوله وصار ظهاره من عمرة وإن كانت أجنبية موجبا للظهار من حفصة بوجود الشرط وهو التلفظ بالاسم اللغوي .