مسألة : قال
الشافعي - رضي الله عنه - : " ولو كانت مغلوبة على عقلها فالتعن وقعت الفرقة ونفي الولد إن انتفى منه ولا تحد ؛ لأنها ليست ممن عليه الحدود " .
قال
الماوردي :
إذا قذف الرجل زوجته بالزنا وهي عاقلة فجنت قبل لعانه ، أو
قذفها وهي مجنونة ، فحكم لعانه منها في الحالين سواء ، وإنما يختلفان في حكم القذف ، فإن
قذفها عاقلة ثم جنت وجب الحد ، وإن قذفها بعد جنونها وجب عليه التعزير ، فإذا أراد أن يلاعن من قذفه هذا نظرنا ، فإن كان لها ولد أراد أن ينفيه ، فله أن يلاعن منها في حالة جنونها ، ويتعلق بلعانه الأحكام الأربعة التي تتعلق بلعانه من العاقلة : من سقوط الحد ، ونفي الولد ، ووقوع الفرقة ، وتحريم التأبيد ، لتعلق هذه
[ ص: 26 ] الأحكام كلها بلعان الزوج وحده ، وإنما يختص لعانها بسقوط الحد عنها ، فلذلك لم يمنع جنونها من لعانه منها ، وإن لم يكن لها ولد يريد نفيه ، فهو غير مطالب بحد القذف أو تعزيره ما كانت في جنونها ، وفي جواز لعانه منها قبل إفاقتها وجهان :
أحدهما : وهو الظاهر من كلام
الشافعي في هذا الموضع - أنه يلاعن ليتعجل به سقوط الحد أو التعزير ، وليستفيد به وقوع الفرقة وتحريم التأبيد ، وهذا قول أبي إسحاق المروزي .
والوجه الثاني : وهو الظاهر من كلام
الشافعي في أول هذا الكتاب أنه لا يجوز أن يلاعن ما لم تطالب بالحد أو التعزير ، ولا سبيل إلى المطالبة به ما كانت الزوجة على جنونها ، ولا معنى لاستفادة الفرقة به لأنه يقدر عليها بالطلاق الثلاث فاستغني به من اللعان .