فصل : قال
المزني - رحمه الله - : " إذا جعل للمشركة أن تحضره في المسجد وعسى بها مع شركها أن تكون حائضا كانت المسلمة بذلك أولى " .
قال
الماوردي : وهذا الكلام من
المزني بيان عما يذهب إليه من جواز
دخول الجنب والحائض من المسلمين إلى المساجد ، كما يجوز دخول أهل الذمة إليها وإن كان منهم جنب وحائض .
والجواب عنه : أننا إذا لم نعلم أن الداخل جنب ولا حائض لم تمنع ، ولأن الظاهر أنه ليس بجنب ولا حائض ، وإن علمنا أنه جنب أو حائض قد أمن تنجيس المسجد بدمها ، ففي جواز تمكينهم من دخول المساجد وجهان :
أحدهما : يمنعون منها ولا يمكنون كما يمنع المسلم ، فعلى هذا يسقط استدلاله .
والوجه الثاني : أنهم يمكنون ولا يمنعون من الدخول مع الجنابة والحيض إلا أن لا يؤمن بتنجيس المسجد بدم الحيض ، فيمنعوا وإن خالفوا فيه المسلمين .
والفرق بينهما أن المسلم ملتزم لحرمة المسجد وتعظيمه فلزمه اجتنابه مع تغليظ حدثه ، وليس المشرك ملتزما لهذه الحرمة فلم يلزمه اجتنابه مع حدثه ، فإن
اختلف الزوج المسلم والزوجة الذمية في موضع لعانهما من مسجد أو كنيسة ، فالقول فيه قول الزوج دونها لأن التغليظ عليها في اللعان حق له عليها ، فإن دعت إلى لعانها في المسجد وقال الزوج في الكنيسة ، كان القول قول الزوج أولى ليستوفي حقه في التغليظ عليها ، وإن دعت الزوجة إلى لعانها في الكنيسة ودعى الزوج إلى لعانها في المسجد فالقول قوله ؛ لأنه قد أسقط حقه من التغليظ عليها .