مسألة : قال
الشافعي : " وقال بعض الناس : إذا التعن ثم قالت : صدق إني زنيت فالولد لاحق ولا حد عليها ، وكذلك إن كانت محدودة فدخل عليه أن لو كان فاسقا قذف عفيفة مسلمة والتعنا نفي الولد وهي عند المسلمين أصدق منه ، وإن كانت فاسقة فصدقته
[ ص: 77 ] لم ينف الولد فجعل ولد العفيفة لا أب له وألزمها عاره وولد الفاسقة له أب لا ينفى عنه " .
قال
الماوردي : أراد
الشافعي أبا حنيفة في
الرجل إذا قذف زوجته بالزنا فصدقته لم يكن له أن يلاعن منها ، ولا ينتفي من ولدها ، ولا يوجب حد الزنا ، وبنى ذلك على أصلين له :
أحدهما : أن اللعان شهادة والشهادة لا تقام على معترف .
والثاني : أن الإقرار بالزنا لا يوجب الحد عنده حتى يتكرر أربع مرات في أربعة مجالس فجوز له نفي ولد العفيفة وألحق به ولد الزانية ، وفي هذا القول من الشناعة ما يدل على وهاء أصوله فيه ، وقد مضى الكلام معه في اللعان أنه يمين ، وسيأتي الكلام معه في الإقرار بالزنا من أنه يوجب الحد ، ومذهب
الشافعي في المصدقة على الزنا المعترفة به أنه لا يخلو أن تصدق الزوج قبل لعانه أو بعده ، فإن صدقته بعد لعانه ثبتت أحكام اللعان به من وقوع الفرقة وتحريم التأبيد ونفي النسب ، وليس لإقرارها بالزنا بعد لعان الزوج تأثير إلا في منعها من الالتعان بعده ، لأن لعانها لإسقاط حد الزنا عنها بلعان الزوج ، والمقرة بالزنا يوجب الحد عليها بالإقرار ولا يسقط عنها باللعان ، فإن رجعت عن الإقرار صار الحد واجبا عليها باللعان دون الإقرار ، لأن
الرجوع في الإقرار بالزنا مقبول في سقوط الحد وجاز لها أن تلاعن لإسقاط الحد الواجب عليها بلعان الزوج ، فأما إن صدقته على الزنا قبل لعانه أو في تضاعيفه فقد سقط حد القذف عن الزوج بتصديقه ، فإن كان له ولد يريد نفيه فله أن يلاعن لنفيه لأنه ، كما جاز له أن ينفي ولد المكذبة الظاهرة العفة فلأن ينفي ولد المصدقة الظاهرة الفجور أولى ، وإن لم يكن لها ولد ففي جواز لعانه وجهان :
أحدهما : لا يجوز أن يلاعن ، لأن اللعان موضوع لسقوط الحد ونفي النسب وقد سقط عنه الحد بتصديقها وعدم الولد الذي يحتاج إلى نفيه .
والوجه الثاني : يجوز أن يلاعن لوقوع الفرقة وتأبيد التحريم ، وليس للزوجة أن تلاعن بعد لعانه ما أقامت على الإقرار بالزنا ، فإن رجعت عنه لاعنت .