مسألة : قال
الشافعي : " وإذا نفينا عنه ولدها باللعان ثم جاءت بعده بولد لأقل من ستة أشهر أو أكثر ما يلزمه له نسب ولد المبتوتة فهو ولده إلا أن ينفيه بلعان " .
قال
الماوردي : اعلم أن
نفي النسب باللعان على ضربين :
أحدهما : أن ينفي به حملا .
والثاني : أن ينفي به ولدا .
فأما الضرب الأول : وهو أن ينفي به حملا ، فإذا وضعت واحدا أو عددا انتفى عنه جميعهم ، لأن الحمل ما اشتمل البطن عليه ، وانقضت عدتها بوضع الأخير منهم فلو وضعت ولدا فانتفى عنه وانقضت به عدتها في الظاهر ، ثم وضعت به ولدا آخر ، نظر في زمان وضعه فإنه لا يخلو من أحد أمرين ، إما أن يكون بينهما أقل من ستة أشهر أو أكثر ، فإن وضعته لأقل من ستة أشهر من ولادة الأول فهما من حمل واحد ؛ لأنه لا يكون بين الحملين أقل من ستة أشهر ، وهي أقل مدة الحمل ، فإذا كان بين الولدين أقل منهما كانا حملا واحدا اشتمل البطن عليهما ، فانتفيا عنه باللعان الأول ، وعلمنا أنها كانت باقية في عدتها إلى وضع الثاني .
وكذلك لو وضعت ولدا ثالثا بينه وبين الأول أقل من ستة أشهر انتفى الثالث مع الثاني والأول باللعان المتقدم لاشتمال البطن على الثلاثة في وقت نفي الحمل باللعان ، وعدتها منقضية بوضع الثالث ، فأما إن وضعت الولد الثاني لستة أشهر فصاعدا من ولادة الأول فهو من حمل ثان ؛ لأنه لا يجوز أن يكون بين الولدين من حمل واحد ستة أشهر ، وإذا كان الولد الثاني من حمل ثان فهي مثبوتة باللعان وقد انقضت عدتها بوضع الأول انقضاء تيقنا به استبراء رحمها فلم يلحق به الثاني لاستحالة أن يكون من إصابته
[ ص: 93 ] قبل اللعان لأنه انتفى عنه باللعان ، ويختلف حكم الولدين في الاستلحاق ، فإن استلحق الأول لحق به ؛ لأنه انتفى عنه باللعان ، وإن استلحق الثاني لم يلحق به لأنه منفي عنه بغير لعان .