الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
مسألة : قال الشافعي - رضي الله عنه - : " ولا يكون اللعان إلا عند سلطان أو عدول يبعثهم السلطان " .

قال الماوردي : وهذا صحيح من شروط صحة اللعان وثبوت حكمه أن يكون بحكم الحاكم ومشهده ، ولا يصح لعان الزوجين بأنفسهما ، وإنما كان كذلك لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لاعن بين العجلاني وامرأته ، وبين هلال بن أمية وامرأته ولم يكن يستنيبه عنه شرطا فيه ، ولأن اللعان يمين عندنا ، وشهادة عند غيرنا ، ولا يثبت حكم واحد منهما في الحقوق إلا عند الحاكم ، ولأن اللعان قد تتعلق به حدود لا يستوفيها ويقيمها إلا الحاكم كسائر الحدود ، ولأنه فيمن صح لعانه خلاف ولا يتقرر إلا بالحكم ، ولأن اللعان قد يتعلق به حق لغير الزوجين في نفي حمل أو ولد أو مسمى في قذف ، فلم يتولاه إلا الحاكم لينوب عمن غاب .

فإن قيل : إن اللعان موضوع للفرقة ، فكان ملحقا إما بالطلاق أو بالفسخ ، وليس الحاكم شرطا في واحد منهما .

قيل : قد يتعلق باللعان من الأحكام في الحدود ونفي النسب ما لا يتعلق بطلاق ولا فسخ ، على أنه من الفسوخ ما لا يصح إلا عند الحاكم ، فكان اللعان أولى .

التالي السابق


الخدمات العلمية