مسألة : قال
الشافعي رضي الله عنه : " ولو شهد أحدهما أنه قذفها بالعربية ، والآخر أنه قذفها بالفارسية لم يجوزا ؛ لأن كل واحد من الكلامين غير الآخر " . قال
الماوردي :
اختلاف الشاهدين في الأداء على ضربين : أحدهما : أن يكون اختلافهما في المشهود به . والثاني : أن يكون اختلافهما في الإخبار عنه .
[ ص: 146 ] فأما الضرب الأول : وهو أن يكون اختلافهما في المشهود به . فصورته : أن يشهد أحدهما أنه قذفها بالعربية ، وشهد الآخر أنه قذفها بالفارسية ، فهذا اختلاف في المشهود به من القذف ، ولأن قذفها بالعربية غير قذفها بالفارسية ، ولم يشهد بأحدهما شاهدان ، فلا يثبت عليه واحد من القذفين ، وهكذا لو شهد أحدهما أنه قذفها يوم الجمعة ، وشهد الآخر أنه قذفها يوم السبت ، أو شهد أحدهما أنه قذفها بزيد ، وشهد الآخر أنه قذفها بعمرو ، أو شهد أحدهما أنه قذفها ، وشهد الآخر أنه أقر بقذفها ، أو شهد أحدهما أنه قال لها : زنيت ، وشهد الآخر أنه قال لها : يا زانية ، فهذا كله شهادة بقذفين لم يجتمعا على أحدهما فلم يجب بشهادتهما حد . وقال أبو حنيفة - رضي الله عنه - : أجمع بين شهادتهما على قذفه وأوجب عليه الحد ، وحكى
محمد بن شجاع ، عن
أبي يوسف ، عن
أبي حنيفة - رضي الله عنه - أنه قال : أضم الشهادة إلى الشهادة في العقود والأقوال ، ولا أضم الشهادة في الأفعال إذا شهد عليه ببيع داره في يوم الجمعة ، وشهد الآخر عليه ببيعها في يوم السبت ، حكم عليه بالبيع ، وإذا شهد عليه أحدهما بقذفها يوم الجمعة ، وشهد الآخر عليه بقذفها في يوم السبت ، حكم عليه بالقذف ، ولو شهد عليه أحدهما بالقتل في يوم الجمعة ، وشهد الآخر عليه بالقتل في يوم السبت لم يحكم عليه بالقتل . ولا يجوز على مذهب
الشافعي - رضي الله عنه - أن تضم الشهادة إلى الشهادة في العقود والأقوال ، كما لا يجوز أن تضم في الأفعال ، لأن الفرق بينهما مفقود ، ولأن المشهود به في الجميع مختلف . فصل : وأما الضرب الثاني : وهو أن يكون اختلافهما في الإخبار عنه ، فصورته أن يشهد أحدهما على إقراره بالعربية أنه قذفها ، ويشهد الآخر على إقراره بالفارسية أنه قذفها فهذا قذف واحد ، قد اختلف في الإخبار عنه فكملت به الشهادة ووجب به الحد ، وهكذا لو شهد أحدهما على إقراره بقذفها يوم الجمعة ، وشهد الآخر على إقراره في يوم السبت بقذفها ؛ لأنه في كلا اليومين مقر بقذف واحد ، فكملت فيه الشهادة ، ويجب فيه الحد ، ولكن لو شهد أحدهما على إقراره في يوم السبت أنه قذفها فيه ، وشهد الآخر على إقراره في يوم الأحد أنه قذفها فيه فهما قذفان لم تكتمل الشهادة في أحدهما فلم يجب عليه الحد .