مسألة : قال
الشافعي رحمه الله : "
وإن علمنا أن طهر امرأة أقل من خمسة عشر جعلنا القول فيه قولها " .
قال
الماوردي : وهذا صحيح ، لأن أقل الطهرين الحيضتين خمسة عشر يوما اعتبارا بأقل الوجود المعتاد ، لأن ما لم يتقدر بالشرع واللغة تقدر بالعرف والعادة كالقبض والتفرق ، فلو وجدنا طهرا معتادا كان أقل من خمسة عشر يوما انتقلنا إليه وعمل عليه ، وذلك يكون بأحد وجهين : إما أن يتكرر طهر المرأة الواحدة مرارا متوالية أقلها ثلاث مرار من غير مرض ولا عارض ، فإن تفرق لم يصر عادة . وإما بأن يوجد مرة واحدة من جماعة نساء أقلهن ثلاث نسوة ، وهل يراعى أن يكون ذلك في فصل واحد من عام واحد أم لا ؟ على وجهين : أحدهما : يراعى وجود ذلك منهن في فصل واحد من عام واحد ، فإن اتفق عليه في فصلين من عام واحد أو فصل واحد من عامين لم يصر عادة معتبرة ليكون اختلاف طباعهن مع اتفاق زمانهن شاهدا على صحة العادة احتياطا لها .
والوجه الثاني : أن ذلك غير معتبر ، وإن اختلف في الفصول والأعوام جاز وصار عادة ليكون أنفى للتواطؤ وأبعد من التهمة ولا يقبل ذلك إلا من نساء ثقات تجوز شهادتهن لما فيه من إثبات حكم شرعي ، ولا يقبل خبر المعتدة معهن في حق نفسها لتوجه التهمة إليها ، وفي قبولها في حق غيرها وجهان : أحدهما : لا يقبل لرده بالتهمة . والثاني : لا تقبل ، لأنها ثقة فإذا انتقلنا في أقل الطهر عن الخمسة عشر إلى ما هو أقل في أحد الوجهين المذكورين واعتدت المعتدة انقضاء عدتها بالطهر الأقل قبل قولها فيما نقضي عنها ، وإلى وقتنا من هذا الزمان لم يستمر طهر نقضي عنها فلا يقبل فيه قول ، وإن لم ينتقل عن الخمسة عشر بأحد الوجهين لم يقبل قولها معتدة والله أعلم .