مسألة : قال
الشافعي رحمه الله تعالى : " ولو
حاضت الصغيرة بعد انقضاء الثلاثة الأشهر فقد انقضت عدتها ، ولو حاضت قبل انقضائها بطرفة خرجت من اللاتي لم يحضن واستقبلت الأقراء " . قال
الماوردي : وهذا صحيح ، لأن من لم تحض لصغر عدتها ثلاثة أشهر ، فإن
[ ص: 195 ] اعتدت بالشهور ثم حاضت لم يخل حيضها من أن يكون بعد انقضاء الشهور أو قبلها ، فإن كان بعد انقضاء الشهور أجزأتها العدة بالشهور ، وإن صارت بعدها من ذوات الأقراء للحكم بانقضائها ولم يؤثر حدوث الحيض كما لو اعتدت بالأقراء ثم صارت مؤيسة أجزأتها الأقراء ، وإن صارت بعدها من ذوات الشهور .
فإن قيل : أفليس لو انقضت عدتها بالأقراء ثم ظهر بها حمل انتقلت إليه بطل الأقراء ، فهلا كانت الصغيرة في حدوث الحيض كذلك ؟ قيل : لأن الحمل متقدم على الأقراء فانتقلت إلى الاعتداد بالشهور ؛ لأنه لا يجوز تلفيق العدة من جنسين شهور وأقراء حتى تستكمل أحد الجنسين من أقراء وشهور ، وإذا كان كذلك فقد قال
الشافعي : " استقبلت الأقراء " فاختلف أصحابنا لأجل هذا الاحتمال فيما مضى من طهرها هل تعتد به قرءا أم لا ؟ على وجهين : أحدهما : وهو قول
أبي العباس بن سريج أنها تعتد به قرءا ؛ لأن القرء هو طهر بعده حيض ، فإن لم يتقدم حيض كما لو طلقت في طهرها اعتدت به ؛ لأن بعده حيضا وإن لم يتقدم حيض ؛ لأن ما مضى من الحيض قبل الطلاق لا يحتسب في عدة الطلاق . والوجه الثاني : وهو قول
أبي سعيد الإصطخري أنها لا تعتد بما مضى من الطهر قرءا ولتستقبل ثلاثة أقراء ؛ لأن القرء هو طهران حيضتين ، فلما كان فقد الحيضة الثانية في الانتهاء تمنع من أن تكون قرءا ، كان فقد الحيضة الأولى في الابتداء أولى بالمنع من أن تكون قرءا ؛ ولأنها لو اعتدت بقرء ثم طرأ عليها الإياس لم تحتسب بزمان القرء وشهر ولتستقبلن ثلاثة أشهر لئلا تلفق عدة من جنسين ، كذلك حيض الصغيرة لا يوجب احتساب ما مضى من الشهور قرءا لئلا يجمع في عدتين جنسين .