فصل : وإن كان
الطلاق رجعيا وهي مسألة الكتاب وقد وضعته لأكثر من أربع سنين ففيه قولان : أحدهما : وهو الأصح أنه لا يلحق به وينتفي عنه بغير لعان : لأنها تحرم عليه قبل الرجعة تحريم المبتوتة فانتفى عنه ولدها لحدوثه بعد التحريم كما ينتفي عنه ولد المبتوتة وتكون عدتها تنقضي على مذهب
الشافعي ، وجمهور أصحابه بوضع الحمل ، وعندي بما تقدم من الشهور والأقراء . والقول الثاني : أنه يلحق ولد الرجعة وإن لم يلحق به ولد المبتوتة : لأن الرجعة بعد الفرقة في حكم الزوجات لوجوب نفقتها ، وميراثها ، وسقوط الحد في وطء ، فكان مخالفتها للمبتوتة في هذه الأحكام موجبا لمخالفتها في لحوق الولد : لأن الرجعة زوجة والمبتوتة أجنبية ، فعلى هذا اختلف أصحابنا في المدة التي يلحق به الولد بعد أربع سنين ، هل تقدر أم لا ؟ على وجهين : أحدهما : وهو قول
أبي إسحاق المروزي ،
وأبي علي بن أبي هريرة ، أنها غير مقدرة وأنها متى ولدته ولو إلى عشر سنين لحق الولد ما لم تتزوج ، وهذا بعيد . والوجه الثاني : وهو أشبه أنها مقدرة بعد أربع سنين بمدة العدة ؛ لأن الرجعية وإن خالفت المبتوتة في زمان العدة فهي مساوية لها بعد العدة في التحريم ، ووجوب الحد في الوطء فصارت بعد انقضاء العدة كالمبتوتة بعد الفرقة فاقتضى أن يعتبر في لحوق ولدها أربع سنين بعد تساويهما ، فعلى هذا الوجه إن ولدته لأقل من أربع سنين ومدة العدة لحق به وانقضت به العدة .
[ ص: 208 ] وإن ولدته لأكثر من أربع سنين ومدة العدة لم يلحق به وانقضت به العدة على ظاهر مذهب
الشافعي وانقضت عندي بما تقدم من العدة .