مسألة : قال
الشافعي : " ولو كانت تحت عبد فاختارت فراقه كان ذلك فسخا بغير طلاق ، وتكمل منه العدة من الطلاق الأول " . قال
الماوردي : وصورتها : في
عبد طلق زوجته ، وهي أمة فتعتق بعد طلاقه ، وهي في العدة فلا يخلو طلاقها من أن يكون بائنا أو رجعيا فإن كان بائنا ، فقد وقعت به الفرقة البائنة فلم يحتج إلى فسخ النكاح بالعتق لارتفاعه بالطلاق ، فإن فسخت لم يكن لفسخها تأثير ، وقد كانت في ابتداء عدتها أمة ، وصارت في انتهائها حرة ، فهل تبنى على عدة أمة أم على عدة حرة : على ما مضى من القولين ، وإن كان طلاقها رجعيا فلها بالعتق خيار الفسخ : لأنها تحته وحكم الزوجية جار عليها بالرجعة فلذلك جاز لها الفسخ بخلاف البائن ، وهي فيه بالخيار بين تعجيله وبين تأخيره فإن أرادت تعجيله كان لها لأمرين : أحدهما : أنها بالطلاق جارية في فسخ فلم يناف الفسخ . والثاني : أنها تستفيد به قصور إحدى العدتين ، فإذا فسخت ، فهل يكون فسخها قاطعا لرجعة الزوج عليها أم لا ؟ على وجهين : أحدهما : لا تقطع رجعة الزوج : لأنها من أحكام طلاقه ، فعلى هذا إن راجع الزوج وقعت الفرقة بالفسخ فدون الطلاق فيكون ابتداء عدتها من وقت الفسخ وتعتد عدة حرة : لأنها بدأت بالعدة وهي حرة ، وإن لم يراجع الزوج فالفرقة وقعت بالطلاق دون الفسخ فيكون أول عدتها من وقت الطلاق ، وقد بدأت بها وهي أمة ، ثم صارت في
[ ص: 227 ] تضاعيفها حرة فهل تعتد عدة أمة أو عدة حرة على ما مضى من القولين . والوجه الثاني : أن الفسخ قد قطع رجعة الزوج عنها ؛ لأنها غير مؤثرة في الإباحة فمنع منها كما يمنع من رجعة من ارتدت ، فعلى هذا يغلب في الفرقة حكم الطلاق أو حكم الفسخ على وجهين : أحدهما : يغلب حكم الطلاق لتقدمه ، فعلى هذا هل تعتد عدة أمة أو عدة حرة على ما مضى من القولين . والوجه الثاني : يغلب حكم الفسخ لقوته فعلى هذا تعتد عدة حرة قولا واحدا ؛ لأن الفسخ ما وقع إلا بعد الحرية لكنها تبني على ما مضى من وقت الطلاق ولا تبدئها من وقت الفسخ : لأن الفسخ قد أبطل الرجعة فلم يجز أن يطول به العدة . فصل : وإن أخرت الفسخ ولم تعجله كانت على حقها منه ما لم يراجعها الزوج ولا يكون إمساكها عنه اختيارا للزوج ورضا بالمقام معه بخلاف من لم تطلق : لأن من لم تطلق يؤثر رضاها في الاستباحة فأثر سقوط الخيار ، والمطلقة لا يؤثر رضاها في الاستباحة فلم يؤثر في سقوط الخيار فعلى هذا الزوج حالتان : إحداهما : أن يراجعها حتى تمضي العدة فتكون الفرقة واقعة بالطلاق ، وليس لها الفسخ : لأن لا تأثير له مع زوال العقد ، وهي تبنى على عدة أمة أو على عدة حرة على ما مضى من القولين . والحال الثانية : أن يراجعها الزوج فتستحق الفسخ حينئذ : لأن الرجعة قد رفعت تحريم الطلاق فصارت كزوجة لم يجر عليها طلاق ، فإن فسخت استأنفت عدة حرة من وقت الفسخ لا يختلف والله أعلم .