مسألة : قال
الشافعي : "
ويخرجها السلطان فيما يلزمها ، فإذا فرغت ردها " . قال
الماوردي : وهذا صحيح : لأن وجوب العدة عليها لا يمنع من استغناء الحقوق منها ، والحقوق ضربان : حقوق الله تعالى كالحدود ، وحقوق الآدميين كالأموال . فأما حقوق الآدميين فهي موقوفة على مطالبهم ، فإن أخروها في العدة كانت على حالها مقيمة إلى انقضائها ، وإن طالبوها بحقوقهم لم يمنعوا ، فإن
خرجت إليهم من حقوقهم في ديون قضتها ، أو ودائع ردتها أقرت في مسكنها ، وإن اقتضت المحاكمة
[ ص: 269 ] عند التناكر روعي حالها ، فإن كانت برزة أخرجها السلطان للمحاكمة ، ثم ردها إلى العدة بعد انبرام الحكم ، وإن كانت خفرة أنفذ السلطان إليها من يحكم بينها وبين خصومها في مسكنها كما يفعل ذلك من غير المعتدة من اعتبار البروز والخفر في إخراجها وإقرارها . وأما
حقوق الله تعالى في الحدود فيعجل استيفاؤها ولا يؤخر بالعدة ، وإن خرجت بالمرض : لأن استيفاءها في المرض مفض إلى تلفها بخلاف العدة ، فإذا أراد السلطان استيفاء الحدود منها روعي حالها أيضا في البروز والخفر ، فإن كانت خفرة أقام الحد عليها في منزلها فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=923332يا أنيس اغد إلى امرأة هذا فإن اعترفت فارجمها
وإن كانت برزة أخرجها لإقامة الحد عليها ، قوله تعالى :
لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة [ الطلاق : 1 ] والزنا من أكبر الفواحش فإن كان الحد بما في الزنا فكانت من ذوات الشهور والأقراء رجمت ، ولم ينتظر بها انقضاء العدة ؛ لأن الأصل براءة الرحم ، والعدة موضوعة لمنعها من الأزواج ورجمها أمنع ، وإن كانت من ذوات الحمل أخرت حتى تضع أو ينفش حملها ؛ لأن
الحد لا يقام على حامل ، وإن كان الحد جلدا في الزنا جلدت ، وإن كانت حائلا ففي تغريبها قبل انقضاء العدة وجهان : أحدهما : لا تغرب إلا بعد انقضاء العدة تغليبا لحق الزوج في تحصين مائه . والوجه الثاني : تغرب حولا إلى أحصن المواضع ويراعى تحصينها في التغريب في بقية العدة ، فإن استكملت حول التغريب قبل انقضاء العدة وجب ردها إلى منزلها لتقضي فيه بقية العدة .