[ ص: 342 ] باب الاستبراء من كتاب الاستبراء والإملاء .
مسألة : قال
الشافعي رحمه الله تعالى :
nindex.php?page=hadith&LINKID=924318نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عام سبي أوطاس أن توطأ حامل حتى تضع ، أو حائل حتى تحيض ولا يشك أن فيهن أبكارا أو حرائر كن قبل أن يستأمين وإماء ووضيعات وشريفات ، وكان الأمر فيهن واحدا ( قال
الشافعي ) رحمه الله فكل ملك يحدث من مالك لم يجز فيه الوطء إلا بعد الاستبراء ؛ لأن الفرج كان ممنوعا قبل الملك ، ثم حل بالملك " . قال
الماوردي : وهذا كما قال : كل من
استحدث ملك أمة بابتياع ، أو ميراث ، أو هبة ، أو مغنم يحرم عليه وطؤها حتى يستبرئها صغيرة كانت أو كبيرة بكرا كانت أو ثيبا شريفة كانت أو وضيعة من يجوز حبلها أو لا يجوز ، وهو قول
عمر ،
وعثمان ،
وابن مسعود - رضوان الله عليهم . وبه قال
أبو حنيفة . وقال
مالك : إن جومع مثلها لزمه استبراؤها ، وإن لم يجامع مثلها لم يلزمه . وقال
الليث بن سعد : إن كان مثلها يحبل لزمه استبراؤها وإن لم يحبل مثلها لم يلزمه . وقال
أبو ثور ،
وداود : إن كانت ثيبا لزمه الاستبراء ، وإن كانت بكرا لم يلزمه ذلك استدلالا برواية
رويفع بن ثابت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=923920ألا لا توطأ حامل حتى تضع ولا ثيب حتى تحيض فدل على جواز وطء البكر قبل أن تحيض ، وبما روي عن
عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه أنه قال : "
لا استبراء على العذراء " . قالوا : ولأن الاستبراء موضوع لبراءة الرحم فلم يلزم فيمن علم براءة رحمها ؛ ولأن عدد الحرائر أعلى من استبراء الإماء ، وذلك ساقط في غير المدخول بها فكان الاستبراء بذلك أولى . ودليلنا رواية
أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=923920ألا لا توطأ حامل حتى تضع ولا حائل حتى تحيض فكان على عمومه في كل حائل من صغيرة وكبيرة وبكر
[ ص: 343 ] وثيب مع ورود ذلك في
سبي أوطاس ، وكان فيهن صغار وكبار فعم ولم يفرق . فإن قيل : فاسم الحائل لا ينطلق إلا على من أخلف حملها بعد تقدمه منها كما يقال : ناقة حائل إذا أخلفت بعد أن حملت ، وتسمية حائل لا ينطلق ذلك على ما لم تحمل من فسيل النخل ، وصغار البهائم فعنه جوابان : أحدهما : أن هذا غير مسلم ؛ لأن الحائل ضد الحامل فاقتضى أن يكون محمولا على عمومه من قول وعمل . والثاني : أنه روى
أبو الوداك عن
أبي سعيد الخدري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=923919ألا لا توطأ حامل حتى تضع ، ولا غير ذات حمل حتى تحيض وهذا لا يحتمل ما تكلفوه من التأويل ؛ ولأن من
استجد ملك أمة محرمة لزمه استبراؤها قبل الاستمتاع قياسا على موضع الوفاق ؛ ولأن اعتبار من يجامع مثلها ، ولا يجامع ، ومن يحبل مثلها ولا يحبل يشق لاختلافه في الناس ، واختلاف الناس فيه ؛ ولا سيما مع غلبة الشهوة فحسم الباب ، وقطع التنازع كالغرة في الجنين حين قدر شرعا لحسم التنازع ، وتحريم قليل الخمر حسما لما تفضي إليه من الصد عن ذكر الله وعن الصلاة كذلك عموم الاستبراء . فأما الجواب عن روايتهم لقوله :
ولا ثيب حتى تحيض فالأثبت ما رويناه من قوله :
ولا حائل حتى تحيض ولو صحت لكانت بعض ما شمله من العموم فلم يعارضه . فأما قول
عمر : لا استبراء على عذراء " ، فالمروي عنه خلافه ، وقد روي عن
علي ،
وابن مسعود رضي الله تعالى عنهما وجوب الاستبراء في جميعهن . وقولهم : إن الاستبراء لبراءة الرحم فغير مسلم بل الاستبراء لاستحداث الملك ، وعلى أنه ليس ينكر أن يكون لاستبراء الرحم تارة وللتعبد أخرى ، كالعدة تكون استبراء للرحم تارة وللتعبد أخرى إذا كانت صغيرة أو متوفى عنها زوجها ، وهو جواب عما ذكروه من الاستدلال بالعدد .