الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
فصل : وإذا كان كذلك فالذي يكون به الاستبراء ما قدمناه في استبراء أم الولد فإن كانت حاملا فيوضع الحمل ، وإن كانت من ذوات الشهور فعلى قولين : أحدهما : تستبرأ بشهر واحد . والثاني : بثلاثة أشهر . وإن كانت من ذوات الحيض والطهر فاستبراؤها بقرء واحد ، والذي نص عليه هاهنا أن المعتبر فيه الحيض فتستبرئ نفسها بحيضة كاملة ، وهو معنى قول الشافعي " ثم تحيض حيضة معروفة " يعني كاملة ، ويكون الفرق بين استبراء الأمة وعدة الحرة ما قدمناه ، وفيه وجه ثان ذهب إليه كثير من أصحابنا : أن الاعتبار فيه بالطهر كالحرة وحملوا قول الشافعي هاهنا : " ثم تحيض حيضة معروفة " ليقوى بها ما تقدم من الطهر الذي لم يكمل ، وفيه وجه ثالث ذهب إليه البصريون من أصحابنا : أن كلا الأمرين من الحيض والطهر معتبر مقصوده ؛ لأنه لما تفرد استبراء الأمة بقرء واحد جمع فيه بين الأمرين تقوية لحكمه ، وزيادة في الاستظهار به ، وقد ذكرنا من اعتبار حالهما على اختلاف هذه الوجوه الثلاثة ما أغنى عن الإعادة ، فعلى هذا لو تباعد حيضها كانت في حكم الحرة إذا تباعد حيضها في العدة ، فإن كان لعلة مكثت حتى تحيض فتستبرئ نفسها بقرء أو تبلغ زمان الإياس فتستبرئ بشهر في أحد القولين وبثلاثة أشهر في القول الثاني ، وإن كان لغير علة ففيه ثلاثة أقاويل : أحدها : أنها تتربص بنفسها غالب الحمل ستة أشهر ثم تستبرئ بالشهور . والقول الثاني : تتربص بنفسها مدة أكثر الحمل أربع سنين ، ثم تستبرئ بالشهور . والقول الثالث : أنها تستبرئ تتربص بنفسها أبدا حتى تبلغ زمان الإياس ثم تستبرئ بالشهور .

التالي السابق


الخدمات العلمية