مسألة : قال
الشافعي رضي الله عنه : "
ولو كانت أمة مكاتبة فعجزت لم يطأها حتى يستبرئها ؛ لأنها ممنوعة الفرج منه ، ثم أبيح بالعجز ولا يشبه صومها الواجب عليها وحيضتها ، ثم تخرج من ذلك ؛ لأنه يحل له في ذلك أن يمسها ويقبلها ويحرم عليه ذلك في الكتابة كما يحرم إذا زوجها ، وإنما قلت : طهر ثم حيضة حتى تغتسل منها ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم دل على أن الأقراء الأطهار بقوله في
ابن عمر nindex.php?page=hadith&LINKID=924319يطلقها طاهرا من غير جماع فتلك العدة التي أمر الله أن يطلق لها النساء وأمر النبي صلى الله عليه وسلم في الإماء أن يستبرئن بحيضة ، فكانت الحيضة الأولى أمامها طهر كما كان الطهر أمامه الحيض فكان قصد النبي صلى الله عليه وسلم في الاستبراء إلى الحيض ، وفي العدة إلى الأطهار " . قال
الماوردي : وهذا صحيح ، إذا
كاتب أمته ثم عادت إليه بالعجز حرم عليه وطؤها حتى يستبرئها ، وكذلك لو
ارتد أو ارتدت ، ثم أسلم أو أسلمت حرمت عليه حتى يستبرئها اعتبارا في هذه المسائل الثلاث بحدوث الإباحة بعد استقرار التحريم .
[ ص: 353 ] وقال
أبو حنيفة : لا يلزمه الاستبراء في المكاتبة إذا عجزت ، ولا في المزوجة إذا طلقت ، ولا في المرتدة إذا أسلمت اعتبارا ببقاء الملك واستدلالا بأن سريان التحريم عليه بالكتابة والتزويج والردة لحدوث التحريم بالصيام ، والحيض ، والإحرام ، وذلك غير موجب للاستبراء لبقاء الملك كذلك لم يزل به الملك : ولأن الرهن يمنع من وطئها كالكتابة ، ثم لم يلزمه الاستبراء بعد فكاكها عن الرهن ، كذلك لا يلزمه بعد عجزها في الكتابة ودليلنا قول النبي صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=923920ألا لا توطأ حامل حتى تضع ، ولا حائل حتى تحيض فكان على عمومه في كل إباحة حدثت بعد حظر ؛ ولأنه استحدث استباحة بملك بعد عموم التحريم ، فوجب أن يلزمه الاستبراء كالتي استحدث ملكها ، وخالف ما ذكره من تحريم الصائمة والحائض والمحرمة ، لاختصاصه بتحريم الوطء دون دواعيه في الحائض ، والصائمة ، والتلذذ بالنظر إلى المحرمة ، وتحريم من ذكرناه عام ، زال به عموم الاستباحة فافترقا ، وأما
المرهونة فلا يحرم منها دواعي الوطء من القبلة واللمس ، واختلف أصحابنا في إباحة وطئها إذا آمن حملها بصغر أو إياس على وجهين : أحدهما : وهو قول
أبي إسحاق المروزي يجوز وطؤها . والثاني : وهو قول
أبي علي بن أبي هريرة ، لا يجوز : لأن حبلها غير مأمون ، فكان المنع لأجل الحبل إلا لتحريم الوطء ، ولو أذن له المرتهن في وطئها جاز ، ولو كان محظورا لم يجز .