فصل : فإذا ثبت أن
تحريم الرضاع مختص بالصغير دون الكبير ، فقد اختلف الفقهاء في
حد تحريمه على أربعة مذاهب : أحدها : وهو مذهب
الشافعي أنه محدد بحولين ، فإن وجد بعد الحولين بيوم لم يحرم ، وهو قول
أبي يوسف ومحمد . والمذهب الثاني : ما قاله
مالك في إحدى رواياته أنه يحرم بعد الحولين بشهر فجعل زمانه محددا بخمسة وعشرين شهرا .
[ ص: 368 ] والمذهب الثالث : ما قاله
أبو حنيفة : أنه يحرم بعد الحولين بستة أشهر فجعل زمانه محددا بثلاثين شهرا . والمذهب الرابع : ما قاله
زفر بن الهذيل أنه يحرم إلى ثلاثة أحوال محددة بستة وثلاثين شهرا استدلالا بعموم قول الله تعالى :
وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم [ النساء : 23 ] ويقول النبي صلى الله عليه وسلم
nindex.php?page=hadith&LINKID=924331الرضاعة من المجاعة ولأنها من يعتد فيها بالرضاع ، فوجب أن يثبت فيها التحريم كالحولين . ودليلنا قوله تعالى
حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة [ البقرة : 233 ] وما حد في الشرع إلى غاية كان ما عداها بخلافها كالأقراء ، وهذه دلالة
الشافعي . وروى
ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
لا رضاع بعد فصال والفصال في الحولين لقول الله تعالى :
وحمله وفصاله ثلاثون شهرا [ الأحقاف : 15 ] وقد ثبت أن
أقل الحمل ستة أشهر فدل على أن الباقي هو الفصال ؛ ولأنه حول لا يثبت حكم الرضاع في آخره فوجب أن لا يثبت حكمه في أوله كالحول الرابع طردا ، والثاني عكسا ؛ ولأن الحد إذا علق بالحول ولم يبلغ به الكمال قطع على التمام كالحول في الزكاة . فأما الاستدلال بعموم الآية والخبر فمخصوص بما ذكرناه . وأما قياسهم على الحولين ففاسد بالشهر السابع يتغذى فيه باللبن ، ولا يقع به التحريم ، ثم المعنى في الحولين أنه لما وقع التحريم بالرضاع في آخره وقع بالرضاع في أوله وخالف الثالث .