فصل : قال
المزني : " وفي ذلك دلالة عندي على نفي الولد لأكثر من سنتين بتأقيت حمله وفصاله ثلاثين شهرا كما نفي توقيت الحولين للرضاع لأكثر من حولين " . والذي أراده
المزني بهذا الفصل أن يحتج به فيما ذهب إليه من
أكثر الحمل أنه
[ ص: 369 ] مقدر بسنتين كالرضاع فلا يلحق به إذا ولد لأكثر من ذلك كما لا يحرم بالرضاع بعد الحولين قال : لأن الله تعالى قال :
وحمله وفصاله ثلاثون شهرا [ الأحقاف : 15 ] فجعل مدتها ثلاثين شهرا فوجب أن تكون مدة كل واحد منهما أقل من ثلاثين شهرا ، وهذا الذي ذكره
المزني فاسد : لأنه لا يجوز أن يكون ما قدره بثلاثين شهرا مدة لأكثرهما لزيادتهما على هذا التقدير بإجماع ، ولا مدة لأقلهما بالإجماع ؛ لأن أقل الرضاع غير محدد ، ولا مدة لأكثر الحمل ، وأقل الرضاع ؛ لأن أقل الرضاع غير ممدود فلم يبق إلا أن يكون مدة لأكثر الرضاع ، وأقل الحمل وأكثر الرضاع مقدر بحولين فكان الباقي بعدهما
مدة أقل الحمل ، وهو ستة أشهر ، فلم يكن في ذلك دليل على مدة أكثر الحمل ، وإنما جمع بين مدتي أكثر الرضاع وأقل الحمل تنبيها على حقوق الأمهات ، ووجوب حق الوالدين ليعلم من ولد لأكثر من ستة أشهر أن حق والدته أكثر وشكرها أعظم كما قال
فلا تقل لهما أف [ الإسراء : 23 ] فخصص التأفيف بالتحريم ليدل على أن تحريم الضرب والشتم أغلظ ولم يذكر أول الرضاع ؛ لأن لا تقتصر الأمهات عليه ، والله أعلم .