فصل : وأما الحكم الثاني وهو
قدر الضمان إذا وجب على المرضعة فقد قال
الشافعي : ترجع عليه بنصف المهر ، وقال في الشاهدين " إذا شهدا على رجل بطلاق زوجته قبل الدخول ، ثم رجعا عن الشهادة غرما له جميع المهر " فيما نقله
المزني عنه بخلاف الرضاع ، ونقل الربيع عنه أنه يرجع عليها بنصف المهر كالرضاع ، واختلف أصحابنا في الرضاع والشهادة على ثلاثة طرق : أحدها : وهي طريقة
أبي سعيد الإصطخري أن جمعوا بين المسألتين وخرجوها على قولين : أحدهما : يرجع في الرضاع والشهادة بنصف المهر على ما نص عليه في الرضاع ؛ لأنه القدر الذي غرمه الزوج فلم يرجع بأكثر منه .
[ ص: 383 ] والقول الثاني : أنه يرجع في الرضاع والشهادة بجميع المهر على ما نص عليه في الشهادة لما فيهما من استهلاك البضع عليه بالإحالة بينه وبينه ، فوجب ضمان قيمته ، وهو جميع المهر . والطريقة الثانية : وهي طريقة
أبي إسحاق المروزي أن الجواب على ظاهره في الموضعين فيرجع في الرضاع بنصف المهر ، ويرجع في الشهادة بجميع المهر ، والفرق بينهما أن الفرقة في الرضاع وقعت في الظاهر والباطن حقيقة ، والزوج بها معترف ، وقد رجع إليه نصف المهر فلم يرجع على المرضعة إلا بالنصف الذي التزمه ، وخالف الشهادة لوقوع الفرقة بها في الظاهر واعتراف الشهود بإحلالها له ، وأنه لم يسترجع من المهر شيئا ، فلذلك رجع عليهم بقيمة ما فوتوه عليه من البضع وهو جميع المهر . والطريقة الثالثة : أنه يرجع في الرضاع بنصف المهر ، فأما الشهادة فعلى اختلاف حالين فالموضع الذي قال يرجع على الشاهدين بجميع المهر ، إذا كان الزوج قد ساق إليها جميعه ؛ لأنه بإنكار الطلاق لا يرجع عليها بشيء منه فصار ملتزما بجميعه ، فلذلك رجع بجميعه على الشهود ، والموضع الذي يرجع بنصف المهر إذا لم يكن قد دفع إليها جميع الصداق فلا يلزمه إلا دفع نصفه ؛ لأن الزوجة بادعاء الطلاق قبل الدخول لا تستحق إلا نصف المهر ، فصار الذي لزمه نصف المهر فلا يرجع على الشاهدين بأكثر .