مسألة : قال
الشافعي رضي الله عنه : " ولو أرضعتها امرأة له كبيرة لم يصبها حرمت الأم ؛ لأنها من أمهات نسائه ، ولا نصف مهر لها ولا متعة ؛ لأنها المفسدة وفسد نكاح المرضعة بلا طلاق ؛ لأنها صارت وأمها في ملكه في حال ، ولها نصف المهر ويرجع على التي أرضعتها بنصف مهر مثلها " . قال
الماوردي : وصورتها في
رجل له زوجتان صغرى وكبرى ، أرضعت الكبرى الصغرى خمس رضعات فالكلام فيها يشتمل على ثلاثة أحكام : أحدها : فسخ النكاح . والثاني : ثبوت التحريم . والثالث : المهر . فأما الحكم الأول فهو بطلان النكاح ففيه أربعة مذاهب : أحدها : وهو قول
ابن أبي ذؤيب : إن النكاح لا ينفسخ برضاع الضرائر . والمذهب الثاني : ما حكاه
ابن بكير عن
مالك أنه إذا لم يدخل بالكبرى بطل نكاحها ، وثبت نكاح الصغرى . والمذهب الثالث : وهو قول
الأوزاعي : إنه إذا لم يدخل بالكبرى ثبت نكاحها وبطل نكاح الصغرى . والمذهب الرابع : وهو قول
الشافعي وأبي حنيفة وأكثر الفقهاء : إنه بطل بالرضاع نكاحهما معا سواء دخل بالكبرى ، أو لم يدخل ؛ لأنه صار جامعا بين امرأة وبنتها . وأما الحكم الثاني : وهو التحريم فتحرم عليه الكبرى على التأبيد ؛ لأنها من أمهات نسائه ، وأما الصغرى فتحريمها معتبر بحال الكبرى فإن دخل بها حرمت
[ ص: 385 ] الصغرى ، وإن لم يدخل بها لم تحرم الصغرى ؛ لأنها من ربائبه وتحريم الربيبة يكون بدخوله بالأم . وأما الحكم الثالث : وهو المهر فللصغرى عليه نصف مهرها المسمى ؛ لأن فسخ نكاحها قبل الدخول كان من غيرها ، ويرجع على الكبرى بنصف مهر مثلها أو بجميعه على ما قدمناه . وأما مهر الكبرى ، فإن دخل بها فقد استحقت جميعه وإلا سقط بالرضاع كالمرتدة بعد الدخول ، وإن لم يدخل بها سقط مهرها ؛ لأن الفسخ من جهتها كالردة .