فصل : وإن
كان له ثلاث زوجات كبار ورابعة صغيرة ، فاجتمع الكبار على رضاع الصغيرة فأرضعنها خمس رضعات بينهن لم تصر واحدة منهن ، إما للصغيرة ؛ لأنها لم تستكمل رضاعها خمسا ، وفي تحريم الصغيرة على الزوج إذا كان اللبن له وجهان : أحدهما : وهو قول أبي القاسم الأنماطي
وأبي العباس بن سريج : لا تحرم على الزوج ولا تصير له ولدا ؛ لأن تحريم الرضاع ينتشر عن المرضعة إلى غيرها ، فلما لم يثبت تحريم الرضاع في المرضعة فأولى أن لا ينتشر إلى غير المرضعة ، فعلى هذا يكون نكاح الصغيرة والكبار بحاله . والوجه الثاني : وهو قول
أبي إسحاق المروزي : إن الصغيرة قد صارت بنتا للزوج ، وإن لم تصر بنتا لواحدة من المرضعات ؛ لأن المرضعة تصير أما إذا أرضعت خمسا ، وهذه قد استكملت خمس رضعات من لبنه فاستوى حكم الخمس من واحدة أو من خمس . فعلى هذا يبطل نكاح الصغيرة : لأنها صارت بنته ، ولا يبطل نكاح واحدة من
[ ص: 390 ] الكبار ؛ لأنها لم تصر من أمهات نسائه ، ويكون للصغيرة نصف مهرها وترجع بنصف مهر مثلها على الكبار بينهن على أعداد الزوجات . وعلى هذا لو أن رجلا له خمس بنات مراضع اشتركن في إرضاع صغيرة فأرضعت كل واحدة منهن رضعة ، فلا تكون فيهن أم لها ، وهل أبوهن جد لها ويصرن بذلك اللبن خالات أم لا ؟ على ما ذكرنا من الوجهين : أحدهما : وهو قول
الأنماطي : إنه لا يصير أبوهن جدا لها ، ولا هن خالاتها ولا تحرم على أبيهن ولا على إخوتهن ، ويجوز للأجنبي إذا تزوج الصغيرة أن يجمع بينها وبين من شاء من المرضعات الخمس . والوجه الثاني : أنه قد صار أبوهن جدا لها لارتضاعها من لبن بناته خمس رضعات ، فيحرم عليه وعلى أولاده : لأنهم أخوالها ، ولا يجوز للأجنبي إذا تزوجها أن يجمع بينها وبين إحدى المرضعات ؛ لأنها خالتها ، والله أعلم بالصواب .