مسألة : قال
الشافعي رضي الله عنه : " وإن كانت المرأة تنكر الرضاع فكانت فيهن أمها أو ابنتها جزن عليها وإن كانت تدعي الرضاع لم يجز فيها أمها ولا أمهاتها ولا ابنتها ولا بناتها " . قال
الماوردي : وهذا صحيح ، فلا يخلو حال المدعي الرضاع بعد الزوجية من أن يكون هو الزوج أو الزوجة ، فإن كان مدعيه الزوج فقد انفسخ نكاحه بدعواه ، لأن الفرقة بيده . قال
الشافعي " وأحب أن يطلق واحدة ليستبيح الزواج بيقين " . وإنما قبل قوله في الفرقة " بغير بينة " ؛ لأنه حق له ولم يقبل في المهر إلا ببينة
[ ص: 404 ] لأنه حق عليه ، فإن لم تكن له بينة كان عليه قبل الدخول نصف المسمى وبعد الدخول جميعه ، وإن كان له بينة ، وبينته شاهدان ، أو شاهد وامرأتان ، أو أربع نسوة ، لأنها بينة على الرضاع فلا يجب عليه قبل الدخول مهر ، وعليه بعد الدخول مهر المثل يستحق بالإصابة دون المسمى ، لفساد العقد . فلو
شهد له بالرضاع أمهاته أو بناته لم يقبلن ، لأن شهادة الوالد لولده مردودة ، وكذلك شهادة الولد لوالده ، وإن كان فيهن أم الزوجة أو بنتها قبلت شهادتها ؛ لأن شهادة الوالد على ولده مقبولة ، وإن لم يقبل له . وإن كان مدعي الرضاعة الزوجة ، والزوج منكر لم يقبل قولها في الفرقة إلا ببينة ؛ لأنها لا تملك الفرقة ، فإن أقامت بينة برجلين أو رجل وامرأتين أو أربع نسوة يشهدن بالرضاع قبلت بينتها ، ووقعت الفرقة ، وسقط مهرها قبل الدخول ، وكان لها مهر المثل بعد الدخول ، فلو كان في شهودها أمها أو بنتها ردت شهادتهما للتهمة ، ولو كان فيهن أم الزوج أو بنته قبلت شهادتهما عليه لارتفاع التهمة . فإن قيل : فكيف يصح أن تشهد البنت على رضاع أبيها وأمها والرضاع يكون في الصغر الذي لا يجوز أن يشهده الولد ، قيل : لأنه قد يجوز أن يكون أحد الزوجين كبيرا له ولد يكون الآخر صغيرا فيرتفع من أم الكبير وتشهده بنته فتشهد بالرضاع له وعليه .