مسألة : قال
الشافعي رضي الله عنه : " ويوقفن حتى يشهدن أن قد رضع المولود خمس رضعات يخلصن كلهن إلى جوفه وتسعهن الشهادة على هذا ؛ لأنه ظاهر علمهن ، وذكرت السوداء أنها أرضعت رجلا وامرأة تناكحا فسأل الرجل النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك : فأعرض فقال "
nindex.php?page=hadith&LINKID=924352وكيف وقد زعمت السوداء أنها قد أرضعتكما ( قال
الشافعي ) إعراضه صلى الله عليه وسلم يشبه أن يكون لم ير هذا شهادة تلزمه ، وقوله :
nindex.php?page=hadith&LINKID=924352وكيف وقد زعمت السوداء أنها قد أرضعتكما يشبه أن يكره له أن يقيم معها وقد قيل إنها أخته من الرضاعة وهو معنى ما قلنا يتركها ورعا لا حكما " . قال
الماوردي : وهذا صحيح ،
لا تسمع الشهادة على الرضاع مع اختلاف الناس فيه إلا مشروحة ينتفي عنها الاحتمال وينقطع بها النزاع ، فإذا شهدن أنهما أخوان من الرضاع لم تسمع شهادتهن حتى يصفن الرضاع ، ويذكرن العدد وصفة الرضاع ، فجمع ثلاثة شروط : أحدها : معاينة التقام المولود لثدي المرأة ؛ لأن هذا إنما يعاين ويشاهد فلم يعمل فيه على الاستدلال كالقاتل والمقتول ، والغاصب والمغصوب ، فلو دخل المولود
[ ص: 406 ] في ثياب المرضعة مستترا بها لم تصح شهادتهن بالرضاع لعدم الرؤية قطعا . والثاني : أن يشهدن أن في ضرع المرضعة لبنا بفعل المفطوم ، وعلمهن بوجود اللبن في الثدي يكون بأن يحلب فيرى لبنه ، وهذا محتاج إليه في الرضعة الأولى فأما فيما بعدها إلى استكمال الخمس فلا يحتاج إليه إن قرب الزمان ؛ لتقدم العلم به ، ويحتاج إلى مشاهدته بعد تطاول الزمان وبعده . والثالث : أن يشهدن بوصول اللبن إلى جوفه ، وهذا يعمل فيه على الاستدلال ؛ لأن الشهادة فيه متعذرة ؛ لأنه إذا علم جوع الطفل ، وقد التقم الثدي ومصه وتحرك حلقومه حركة الشرب وسكن ما كان فيه من الهتم بالتقام الثدي علم وصول اللبن إلى جوفه بظاهر الاستدلال ، وغالب الظن الذي لا يوجد طريق إلى الزيادة عليه ، فجازت الشهادة به قطعا مع عدم المشاهدة ، لأنها غاية ما يعلم به مثله ، كالشهادة بالأنساب والأملاك حيث جازت بشائع الخبر فتحررت بصفة الشهادة هذه الشروط أن يشهدن فيقلن : نشهد أنه التقم ثديها ، وفيه لبن ارتضع خمس رضعات وصلن كلهن إلى جوفه فيحكم حينئذ بشهادتهن لا ينفى الاحتمال عنها .