فصل : وإذا كان كذلك لم يخل حال الزوجين من أربعة أحوال : أحدها : أن يكون الاستمتاع ممكنا من جهتهما جميعا ، فيكون الزوج ممن يطأ والزوجة ممن توطأ ، فإذا
مكنته من نفسها أو كانت مراهقة غير بالغ فمكنه منها وليها وجبت عليه نفقتها سواء استمتع بها أو لم يستمتع ؛ لأن الاستمتاع حق له إن شاء استوفاه وإن شاء تركه ، ولو
منعه منها أهلها لعدم بلوغها لم تجب نفقتها ، وإن كانت معذورة ؛ لأن ما تجب به النفقة معدوم ، فلو
بذلت نفسها قبل بلوغها وأكرهت أهلها على تمكينه منها استحقت النفقة ؛ لأن البلوغ غير معتبر في التسليم المستحق كالمبيع إذا سلمه إلى المشتري غير بالغ صح القبض ، فلو
كان الزوج غائبا فمكنت من نفسها في حال غيبته فهذا على ضربين : أحدهما : أن يكون قد تسلمها قبل الغيبة فالنفقة لها في زمان الغيبة واجبة ؛ لأنها مستديمة لتمكين كامل . والوجه الثاني : أن لا يوجد التسليم قبل الغيبة فشروعها في التمكين أن تأتي الحاكم فتخبره بعد ثبوت الزوجية عنده بأنها مسلمة نفسها إلى زوجها ، فإذا فعلت كتب حاكم بلدها إلى حاكم البلد الذي فيه زوجها بحضور الزوجة وتسليم نفسها ، فإذا علم الزوج من حاكم بلد بتسليم نفسها إليه فكمال التمكين يكون بأن يمضي على الزوج بعد علمه زمان الاجتماع إما بأن ينتقل إليها وإما بأن ينقلها إليه ، والخيار في ذلك إليه
[ ص: 439 ] دونها ونفقة نقلتها عليه دونها ، فإذا كمل التمكين بمضي زمان الاجتماع فعلى قول البغداديين تجب نفقتها حينئذ ، ولا تجب بما تقدم من بذل التسليم ، وعلى قول البصريين تجب نفقتها من وقت الشروع في التسليم بناء على اختلافهم في التمكين : هل هو في وجوب النفقة أصل أم شرط ؟ على ما قدمناه .