فصل : وأما الصلاة فتنقسم ستة أقسام : أحدهما : ما كان من الفروض الموقتة
كالصلوات الخمس ؛ فليس له منعها منها لاستثناء الشرع لها ، ومنها تعجيلها في أول الوقت وإن جاز تأخيرها إلى آخره ، بخلاف فرض الحج الذي يجوز له منعها من تقديمه . والفرق بينهما : أن تعجيل الصلاة لأول وقتها فضيلة تتعلق بالوقت فلم يكن له تفويت الفضيلة عليها ، وتعجيل الحج احتياط لا يختص فضيلة تفويت فافترقا . والقسم الثاني :
ما سنه الشرع من توابع الفروض المؤقتة ، فإن دخلت فيها فعليه تمكينها منها على العادة المعروفة من غير تقصير ولا إطالة . والقسم الثالث :
قضاء الفروض المؤقتة . فإن دخلت فيها فأحرمت بها لم يكن له قطعها عليها . لاستحقاقها بالشرع وقرب زمانها بالخروج منها ، وإن لم تحرم بها وتدخل فيها فليس له منعها منها على الدوام ؛ لاستحقاق القضاء لها مع الإمكان . فإن أرادت الإحرام بالقضاء . وأراد الاستمتاع بها ففيه وجهان :
[ ص: 445 ] أحدهما : وهو قول
أبي حامد الإسفراييني : يقدم حقه على حق القضاء ؛ لثبوته في الذمة . والوجه الثاني : وهو الأصح عندي : أنه يقدم حق القضاء على حقه ؛ لأن فرض القضاء مستحق في أول زمان المكنة فصارت كالمؤقتة شرعا . والقسم الرابع :
ما كان من السنن المشروعة في الجماعة كالعيدين ، وكذا الاستسقاء والخسوفين ؛ فله منعها من الخروج للجماعة ، وليس له منعها من فعلها في منزلها لمساواتها له في الأمر بها والندب إليها وإنها مختصة بوقت يفوت بالتأخير فأشبهت الفروض وإن لم تفرض . والقسم الخامس : أن تكون نذرا فتكون كالصوم المنذور على ما ذكرناه في التقسيم . والقسم السادس : أن تكون تطوعا مبتدأ ؛ فله منعها منه إذا دعاها إلى الاستمتاع وله قطعها بعد الدخول فيها كما يقطع عليها صوم التطوع لوجوب حقه فلم يجز إسقاطه بتطوعها ، والله أعلم بالصواب .