فصل : فإذا تقرر ما وصفنا من توجيه الأقاويل الثلاثة ، فإن قيل لا خيار لها قبل الدخول وبعده كان دينا في ذمته ترجع به متى أيسر ، وتنظره به ما أعسر ،
والقول في المعسر به قوله مع يمينه ، وإن قيل : لها الخيار كان خيارها على الفور بعد التنازع فيه إلى الحاكم : لأن الفسخ به لا يثبت إلا عند حاكم ، فإن
أمسكت عن محاكمته بعد العلم بإعساره نظر ؛ فإن كان إمساكها قبل المطالبة بالصداق كانت على حقها من الخيار عند محاكمته : لأنه قد يجوز أن يوسر به عند مطالبته ، وإن كان إمساكها بعد المطالبة به سقط خيارها ، وكان الإمساك عن محاكمته رضا بإعساره ، ولو
حاكمته وعرض عليها الحاكم الفسخ وخيرها فيه فاختارت المقام معه سقط خيارها ، فإن
عادت تحاكمه وتطلب فسخ نكاحه فلا خيار لها : لأنه إن كانت المحاكمة الأولى بعد الدخول لاستوى إعساره في الحالين ، فسقط حكم الخيار فيه مع الرضا به كالخيار في جميع العيوب ، وإن
كانت المحاكمة الأولى والرضا فيها بالمقام قبل الدخول والمحاكمة الثانية بعد الدخول ففي استحقاقها للخيار وجهان :
أحدهما : لا خيار لها كما لو كانت المحاكمتان بعد الدخول .
والوجه الثاني : لها الخيار في محاكمته بعد الأولى ، وإن رضيت بإعساره قبل الدخول : لأن ملكها قبل الدخول قد كان مستقرا على نصفه وبعد الدخول على جميعه ، فصار إعساره بعد الدخول بحق لم يكن مستقرا قبل الدخول فجاز أن تستجد به خيارا لم يكن .