الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
فصل : فإذا تقرر ما وصفنا من توجيه الأقاويل الثلاثة ، فإن قيل لا خيار لها قبل الدخول وبعده كان دينا في ذمته ترجع به متى أيسر ، وتنظره به ما أعسر ، والقول في المعسر به قوله مع يمينه ، وإن قيل : لها الخيار كان خيارها على الفور بعد التنازع فيه إلى الحاكم : لأن الفسخ به لا يثبت إلا عند حاكم ، فإن أمسكت عن محاكمته بعد العلم بإعساره نظر ؛ فإن كان إمساكها قبل المطالبة بالصداق كانت على حقها من الخيار عند محاكمته : لأنه قد يجوز أن يوسر به عند مطالبته ، وإن كان إمساكها بعد المطالبة به سقط خيارها ، وكان الإمساك عن محاكمته رضا بإعساره ، ولو حاكمته وعرض عليها الحاكم الفسخ وخيرها فيه فاختارت المقام معه سقط خيارها ، فإن عادت تحاكمه وتطلب فسخ نكاحه فلا خيار لها : لأنه إن كانت المحاكمة الأولى بعد الدخول لاستوى إعساره في الحالين ، فسقط حكم الخيار فيه مع الرضا به كالخيار في جميع العيوب ، وإن كانت المحاكمة الأولى والرضا فيها بالمقام قبل الدخول والمحاكمة الثانية بعد الدخول ففي استحقاقها للخيار وجهان :

أحدهما : لا خيار لها كما لو كانت المحاكمتان بعد الدخول .

والوجه الثاني : لها الخيار في محاكمته بعد الأولى ، وإن رضيت بإعساره قبل الدخول : لأن ملكها قبل الدخول قد كان مستقرا على نصفه وبعد الدخول على جميعه ، فصار إعساره بعد الدخول بحق لم يكن مستقرا قبل الدخول فجاز أن تستجد به خيارا لم يكن .

التالي السابق


الخدمات العلمية