[
امتناع الزوجة عن تسليم نفسها عند الإعسار بالصداق ] .
مسألة : قال
الشافعي رضي الله عنه : " ولها أن لا تدخل عليه إذا أعسر بصداقها حتى تقبضه ، واحتج على مخالفه فقال إذا خيرتها في العنين يؤجل سنة ورضيت منه بجماع مرة فإنما هو فقد لذة ولا صبر لها على فقد النفقة فكيف أقررتها معه في أعظم الضررين وفرقت بينهما في أصغر الضررين " .
قال
الماوردي : وهذه مسألة قد مضت في كتاب الصداق ولامتناعه من دفع صداقها حالتان :
إحداهما : أن يكون بعد تسليم نفسها .
[ ص: 464 ] والثاني : قبله ، فإن
امتنع من دفعه بعد تسليم نفسها إليه فليس لها الامتناع عليه ، ثم ينظر في حاله ؛ فإن كان موسرا به أخذ جبرا بدفعه وحبس به إن مطل ، وإن كان معسرا به ففي استحقاقها لفسخ نكاحه قولان ، وإن
كان ذلك قبل تسليم نفسها ، فإن كان معسرا به فلها خيار الفسخ ، فإن
رضيت بعسرته كان لها الامتناع من تسليم نفسها مع العسرة إلى أن تقبض الصداق ، ولا يكون رضاها بالعسرة مسقطا لحقها من الامتناع ، ولهذا المعنى أعاد
الشافعي ذكرها في هذا الكتاب لئلا يستهلك بعضها بغير بدل ، وإن كان موسرا لم يفسخ ويؤخذ جبرا بدفعه ، ولها الامتناع من تسليم نفسها حتى تقبضه ، فإن
تمانعا وقال الزوج : لا أدفع الصداق إلا بعد التسليم وقالت : لا أسلم نفسي إلا بعد القبض - كمانع المتبايعين في تسليم المبيع وقبض الثمن - ففيه قولان ، وإن كان في تمانع المتبايعين أربعة أقاويل ، أحد القولين : إنه يقطع التخاصم بينهما ويقول : لكل واحد منكما حق في الامتناع ، فإن سلمت أيتها الزوجة نفسك أجبر الزوج على دفع صداقك ، وإن بدأ الزوج بدفع الصداق أجبرت الزوجة على تسليم نفسها .
والقول الثاني : إن الحاكم يجبر الزوج على تسليم الصداق إلى عدل يكون أمينا لهما فإذا تحصل الصداق عنده أجبر الزوجة على تسليم نفسها إلى الزوج ، فإذا سلمت نفسها إليه دفع الأمين الصداق إليها ، والله أعلم بالصواب .