الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
فصل : والشرط الخامس : اجتماع الأبوين في وطن واحد لا يختلف بهما بلد ليتساويا في الولد ويتساوى بهما حال الولد ، فإن سافر أحدهما فعلى ضربين :

أحدهما : أن يكون سفر الحاجة إذا أنجزت عاد ، فالمقيم منهما أبا كان أو أما أحق بكفالته ابنا كان أو بنتا : لأن المقام أودع والسفر أخطر .

والضرب الثاني : أن يكون سفره لنقلة يستوطن فيها بلدا غير بلد الآخر ، فهذا على ضربين :

أحدهما : أن يكون مسافة ما بين البلدين قريبة لا يقصر في مثلها الصلاة : لأنها أقل من يوم وليلة ، فلا يمنع من الكفالة ولا يسقط به تخيير الابن سواء انتقل أبوه أو أمه ، ويخير بينهما ، فأيهما اختاره كان أحق بكفالته سواء اختار المقيم منهما أو المتنقل أبا كان أو أما : لأن قرب المسافة كالإقامة في انتفاء أحكام السفر وجرى ذلك مجرى البلد الواسع إذا تباعدت ، فحاله لم يمنع التنقل فيه من استحقاق الكفالة .

والضرب الثاني : أن تكون مسافة ما بين البلدين بعيدة يقصر في مثلها الصلاة ، فالأب أحق بكفالة ولده لحفظ نسبه من الأم ، سواء كان هو المقيم أو المنتقل .

وقال أبو حنيفة : إن انتقل الأب فالأم أحق بكفالته وإن انتقلت الأم نظر في انتقالها ، فإن كانت من قرية إلى بلد كانت الأم أحق بكفالته ، وإن كان انتقالها من بلد إلى قرية كان الأب أحق بكفالته ، لفضل البلدان على القرى بما فيها من صحة الأغذية وظهور التأديب وصحة التعليم والتقويم ، وهذا فاسد من وجهين :

أحدهما : أنه لو كان هذا المعنى معتبرا في انتقال الأم لوجب اعتباره في انتقال الأب .

والثاني : أن حفظ نسبه الذي لا يقدر على اكتسابه أولى بالتقديم والاعتبار مما يقدر على اكتسابه من العلوم والآداب .

فهذه الشروط الخمسة التي يشترك الأبوان في اعتبارهما فيهما .

التالي السابق


الخدمات العلمية