الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
فصل : فأما إذا لم يغسل البول عن الأرض حتى تقادم عهده ، وزالت رائحته بطلوع الشمس ، وهبوب الرياح ، فنجاسة الأرض باقية ، والصلاة عليها غير جائزة .

وقال أبو حنيفة : قد طهرت الأرض وجازت الصلاة عليها ، ولم يجز التيمم بترابها ، وقد حكى ابن جرير هذا القول عن الشافعي في القديم ، وليس يعرف له .

والدلالة على ما ذكرنا من نجاسة الأرض هو أنه محل نجس ، فوجب أنه لا يطهر بطلوع الشمس ، وطول المكث قياسا على الثوب والبساط .

فإن قيل : الفرق بين الأرض ، والبساط أن الأرض بطلوع الشمس عليها تجذب النجاسة الرطبة إلى قرارها فيطهر ظاهرها ، وليس للثوب قرار تنزل إليه نداوة النجاسة .

قيل : هذا يفسد بالبساط النجس إذا جف وجهه ، ونزلت النجاسة إلى أسفله هو نجس ، وإن كان معنى الأرض فيه موجودا ، ولأنه تراب لا يجوز التيمم به لأجل النجاسة فوجب أن لا تجوز الصلاة عليه قياسا على ما قرب عهد نجاسته ، فإن قيل : إنما لم يجز التيمم ، لأن الطبقة الثانية نجسة لنزول النجاسة إليها وبإثارة التراب في التيمم تصل إليها .

قلنا : فيجب على هذا إذا كشط وجه الأرض وأخذ أعلى التراب أن يجوز التيمم به ، وفي إجماعنا على المنع منه دليل على فساد هذا التعليل ، وتسوية الحال في المنع من التيمم به ، والصلاة عليه .

التالي السابق


الخدمات العلمية